responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 217

المطعم و الملبس و نحوهما من المبتذلات و ان كانت إفرادها متفاوتة في ذلك تفاوتا فاحشا ثم المنكح ثم الجاه ثم العلم و يعرف هذا الترتيب المطابق لترتيبها في الوجود الخارجي بترك الأدنى و استحقاره عند وجدان الأعلى فإن الصبي المشعوف بالمطاعم الطيبة إذا ظهرت فيه غريزة النكاح انصرف همه اليه و قل التفاته إليها ثم إذا أدرك لذة الرئاسة و السلطنة على القلوب اعرض عن الأوليين بحيث انه ربما يذهل عن الأكل و الاشتغال بالنساء أياما لاشتغال قلبه بتدبير أمور الرئاسة و إصلاح الجاه فإذا أدرك لذة العلم و المعرفة أعرض عن جميع ذلك و استطاب الجوع و متاركة النساء و مقاساة الذل و الخدمة و التملق في تحصيله و كلما ظفر بشيء منه ازداد شوقه الى شيء آخر حتى يأتيه اليقين و استكراه البعض من الجهال العلم انما هو للنقص المركوز فيهم المقصر بهم عن ادراك لذته لا لكونه مؤلما كريها في نفسه و هو كاستكراه المريض المطعم بسبب آفة مزاجه و انحرافه عن الاعتدال و الصبي و العنين المنكح بسبب قصورهما عن إدراكه فلا يقدح ذلك فيما أطبق عليه العقلاء كافة من الحكم بكونهما موافقين لذيذين لان المناط الطباع الكاملة السليمة و هي متوافقة على شرف العلم بقول مطلق فإنه من أخص صفات الربوبية و هي منتهى الكمال و من ثمة يرتاح الطبع إذا اثنى عليه بالذكاء و غزارة العلم و يلتذ بذلك و الذي ينسب الى العلم و لو في شيء خسيس يفرح به و العالم بالشطرنج على خسته لا يطيق السكوت عنه إذا جرى ذكره و لو كان من علماء الدين الذين لا يليق بهم التكلم في أمثاله كل ذلك لفرط لذة العلم و ما يستشعره من كمال ذاته به و أنواع العلوم و ان كانت متفاضلة في الشرف الا انه لا ريب ان العلم به تعالى أشرف أنواع العلم إذ شرفه اما بشرف المعلوم أو الغاية أو وثاقة الدليل أو شدة الحاجة و كلها مجتمعة في العلم الإلهي على الوجه الأكمل و انما اقتصر المصنف على الأول لأنه أقواها و من ثمة يكون علم الفتوى أشرف من علم الخياطة فإن المعلوم في الأول الأحكام الشرعية و في الثاني كيفية الوصل بين قطعات الكرباس ليلبس و المتطلع على اسرار الناس الفاحص عنها ان علم بواطن أحوال رئيس البلد و اسرار تدبيره في رئاسته كان ذلك أجل و أطيب عنده من علمه بباطن أحوال حائك أو فلاح فان اطلع على أخص أحوال الوزير و ما هو عازم عليه من التدبير في أمور الوزارة فهو أشهى عنده و الذفان حصل له الوقوف على اسرار الملك تمدح بذلك و كان شغفه و التذاذه به أعظم لأن الملك أجل من الوزير و أعلى فالمعرفة

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست