اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 215
قلبه الا به فذلك له أولى لأن الغرض إصلاح القلب ليتجرد لذكر اللّٰه و رب شخص يشغله وجود المال و رب شخص يشغله عدمه و المحذور ما يشغل عن اللّٰه و الا فالدنيا في نفسها ليست محذورة لا وجودها و لا عدمها كما مرت الإشارة اليه و قد بعث رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و آله) إلى أصناف الخلق و فيهم التجار و المحترفون و غيرهم فلم يأمر التاجر بترك تجارته و لا المحترف بترك حرفته و لا التارك لهما بالاشتغال بهما بل دعا الكل الى اللّٰه و ارشدهم الى فوزهم و نجاتهم في انصراف قلوبهم عن الدنيا الى اللّٰه و عمدة الاشتغال باللّٰه هو القلب فصواب الضعيف الادخار كما ان صواب القوى تركه و اما حده فللسنه من المعيل كما سبق تطييبا لقلوب الضعفاء من عياله و الزيادة مبطلة لتوكله لأن أسباب الدخل تتكرر بتكرر السنين غالبا و الأقل منها بقدر الأمل من غيره و الفضل القصرة فكلما كان اقصر كان أفضل و التحديد بالأربعين لا يعرف له وجه و روى ان رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و آله) ادخر لعياله قوت سنته و نهى أم أيمن ان تدخر له شيئا لغد و نهى بلالا عن كسرة خبز ادخرها ليفطر عليها و قال أنفق يا بلال و لا تخش من ذي العرش إقلالا. قال أبو حامد و ليس الكوز و السفرة و ما يحتاج اليه على الدوام في معنى ذلك فادخاره لا ينقص الدرجة و انما ذلك في المأكول و كل مال زائد على قدر الضرورة و اما السبب الموهوم و هو ما يتوهم إفضاؤه إلى المسبب من غير وثوق تام كالاستقصاء في التدبيرات الدقيقة في وجوه الاكتساب فمخرج بالكلية عنه و ان كان على ظاهر الإباحة هذا تفضيل الحكم في مباشرة أسباب تجلب الرزق و في معناه كل منفعة مطلوبه و كذا الكلام بعينه في مباشرة أسباب تدفع الضرر فلا ينافيه ان كان السبب مقطوعا به كالشرب ل دفع العطش أو مظنونا كالحجامة لدفع الدم الفاسد و الإسهال لدفع الأخلاط الفاسدة و روى ان رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و آله) كان يكتحل كل ليله و يحتجم كل شهر و يشرب الدواء كل سنه. و كالتحرز عن النوم في مكمن السباع و ممر السيل و تحت الحائط المائل و السقف المنكسر فان ذلك كله تقرير بالنفس و قد نهى اللّٰه عنه بقوله عز و جل وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ فالاحتراز عنها لا ينافي التوكل و كأخذ السلاح للعدو كما قال سبحانه وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ و كالاستتار عنه كما أمر اللّه موسى (عليه السلام) بقوله فَأَسْرِ بِعِبٰادِي لَيْلًا. فان المسير بالليل اختفاء و كما استتر رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و آله) في الغار عن عيون الأعداء و كعقل البعير كما أمر النبي (صلى اللّه عليه و آله) الأعرابي لما أهمل عقل ناقته و قال توكلت على اللّٰه فقال اعقلها و توكل على
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 215