responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 185

المستقبل المشكوك في كونه بالحكم و البت من دون التفات الى المشية اتكالا على الأسباب الظاهرة و هو من منشعبات حب الدنيا و الناس متفاوتون فيه بحسب التفاوت في أصله على مراتب من أمل البقاء في الدنيا أبدا أو الى ألف سنة كما أخبر اللّٰه عنهم بقوله وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النّٰاسِ عَلىٰ حَيٰاةٍ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ. و من البقاء الى الهرم و هو أقصى العمر الذي شاهده في آحاد المعمرين و الى السنة فلا يشتغل بتدبير ما ورائها و لا يقدر لنفسه وجودا في عام قابل و لكن يستعد في الصيف للشتاء و في الشتاء للصيف و إذا أحرز ما يكفيه لسنته كف عن الطلب و اشتغل بغيره و الى تمام الفصل فلا يدخر في الصيف للشتاء و لا في الشتاء للصيف و الى الشهر فلا يتأهب للشهر القابل و الى اليوم الحاضر فلا يستعد لغد كما روى عن عيسى (عليه السلام) لا تهتموا برزق غد فان يكن غد من آجالكم فسيأتي أرزاقكم مع آجالكم و ان لم يكن غد من آجالكم فلا تهتموا لارزاق غيركم. و منهم من لا يتجاوز أمله الساعة كما في الحديث المتقدم و منهم من يكون الموت نصب عينه يترقبه في كل آن كما روى ان أسامة بن زيد اشترى وليدة بمائة دينار الى شهر فبلغ ذلك رسول اللّٰه (صلى اللّه عليه و آله) فقال ا لا تعجبون من أسامة المشترى الى شهر ان أسامة لطويل الأمل و الذي نفسي بيده ما طرفت عيناي الا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض اللّٰه روحي و لا رفعت طرفي فظننت انى واضعه حتى اقبض و لا لقمت لقمة الا ظننت انى لا أسيغها حتى أغص بها من الموت ثم قال يا بنى آدم ان كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى و الذي نفسي بيده ان ما توعدون لآت و ما أنتم بمعجزين.

و هو من مواضع الغرور فان كل أحد يدعى من نفسه انه قصير الأمل و انما تظهر الحقيقة ب الأعمال و الآثار مثل الادخار لضرورات الحياة و التأهب للبقاء المقدر فان من يدخر و يتأهب لسنته مثلا ليس صادقا في دعوى النقيصة أو المراد التأهب للموت فان الاشتغال به علامة قصر الأمل و الإغفال عنه علامة طوله و افاته ترك المبادرة إلى الطاعة و الكسل عنها و التسويف لها اتكالا على اتساع الوقت فان من له غائبان ينتظر قدوم أحدهما في غد و الأخر بعد سنة فلا يستعد للأخير و انما يشتغل بالاستعداد لمن يستقرب قدومه فالمبادرة الى الاستعداد من نتائج قرب الانتظار فمن انتظر مجيء الموت بعد سنة اشتغل قلبه بالمدة و نسي ما ورائها ثم يصبح كل يوم و هو منتظر للسنة بكمالها لا ينقص منها اليوم الذي انقضى

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست