responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 183

الأمن كما تقدم و هو خسر و في التنزيل فَلٰا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ و فيه تنبيه على ان اليأس أفحش كما هو مقتضى الرحمة السابقة و الطريق اليه النظر في صفاته تعالى الجلالية و أفعاله القاهرة فإن معرفتها موجبه للهيبة و الحذر و في الدعاء المأثور عجبا لمن عرفك كيف لا يخافك. و عن ابى عبد اللّٰه (عليه السلام) من عرف اللّٰه خاف اللّٰه. و من ثم ورد قصره على أهلها في قوله عز و جل إِنَّمٰا يَخْشَى اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ، و ذكر الذنوب و تبعاتها و الخصوم و مخاصمتهم في ديوان القيمة و شدة العذاب المستحق على ما اقترفه من الإثم و ضعف النفس عن احتمال أيسره و ما ورد فيه و في طول زمانه المؤبد أو الممتد من الآيات و الاخبار ثم الواجب على الخائف سلوك سبيل الحذر عما يفضى الى المخوف من الأسباب المذكورة فإن خاف الموت قبل التوبة عن الذنوب بادر إليها و حذر التسويف و لا ينخدع بانتظار المكان الشريف أو الزمان الشريف فإنها من حبائل الشيطان و إذ خاف استيلاء العادة عليه باتباع الشهوات واظب على تركها و فطم النفس عنها قبل ان تستحكم فيه داعية السوء مزيد استحكام و ان خاف اطلاعه تعالى عليه بما في سريرته من الذمائم الباطنة اشتغل بتنقية السر عنها بعلاجاتها الأهم فالأهم و ان خاف البطر بكثرة النعم الزم نفسه الشكر و التواضع و مضادة كل ما يستشعره من نفسه من أقسام البطر و هكذا الى بقية الأسباب و الأفضل في الأغلب أن يعتدل الخوف مع الرجاء بحيث لا يرجح أحدهما على الآخر فعن أبي (الكافي) عبد اللّٰه (عليه السلام) في أعاجيب وصية لقمان ان قال لابنه خف اللّٰه خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك و ارج اللّٰه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد اللّٰه (عليه السلام) كان ابى يقول انه ليس من عبد مؤمن الا و في قلبه نوران نور خيفة و نور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا و لو وزن هذا لم يزد على هذا. و عنه (عليه السلام) الخوف رقيب القلب و الرجاء شفيع النفس و من كان باللّٰه عارفا كان من اللّٰه خائفا و اليه راجيا و هما جناحا الايمان يطير بهما العبد المحقق الى رضوان اللّٰه و عينا عقله يبصر بهما الى وعد اللّٰه و وعيده. و ربما يقوى أحدهما و يضعف الآخر في بعض الأحوال لعروض بعض الأسباب و قد يكون فيه الفضل كما سيأتي أما الانفكاك من أحدهما بالكلية فلا يجوز لأحد في حال من الأحوال إذ لو عدم أحدهما لصار الحال أمنا ان كان المعدوم الخوف أو قنوطا ان كان الرجاء و كلا هما معدودان من الكبائر كما عرفت و العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف لأنه أفضل من حيث هو لانه طريق المحبة و مشربه من بحر الرحمة و اللطف بخلاف الخوف فإنه طريق العنت

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست