responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 164

الخائفين و كأنهم رضوا بالعدم لو اعدموا فان الخلاص من الألم يحصل بمجرد العدم ثم من الرجاء شوقا إلى الجنة و ما فيها من الحور و القصور و نحوها و هذا زهد الراجين فإنهم لم يتركوا الدنيا قناعة بالعدم و الخلاص من الألم بل طمعوا في وجود دائم على نعيم قائم لا آخر له و هذه فوق الاولى و ان كانتا ليستا بذاك لاقتضائهما المحبة لسلامة النفس و حظوظها و مثال الأول مثال المريض الذي يترك الأغذية المضرة طمعا في العافية و الثاني مثال الذي لا يأكل اليوم توفير الشهوة غدا في ضيافة مترقبه ثم من رفع الالتفات الى ما سواه تعالى من غير تقيد بالنار و آلامها ليقصد الخلاص منها و لا بالجنة و لذاتها ليقصد نيلها و الظفر بها و هذا زهد العارفين الذي هممهم مقصورة عليه تعالى لا رغبة لهم الا فيه و في لقائه فإن من عرفه سبحانه يستحقر جميع ما سواه و يرى الراغب إلى الجنة للاحتظاظ بما فيها من اللذات الحسية الغافل عن لذة النظر اليه عز و جل كالصبي الملتذ للعب بالعصفور لقصوره عن إدراك لذة السلطنة مثلا و اما درجاته باعتبار ما فيه فأدناها أن يزهد في المال دون الجاه و اليه أشار فقيل يقوله الزهد هو القناعة ثم في الجاه دون المال و اليه أشار بشر بقوله الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس و هو فوق الأول لأن الجاه أشهى من المال كما سبق و هما كالتوبة عن بعض الذنوب المفيدة لنقصان العقوبة دون النجاة لأنها يترك الكل كما تقدم ثم في كليهما و اليه الإشارة في حديث ابى عبد اللّٰه عليه السلم الزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا و الذل على العز و الجهد على الراحة و الجوع على الشبع و عافية الأجل على محبة العاجل و الذكر على الغفلة و يكون نفسه في الدنيا و قلبه في الآخرة. ثم في جميع ما سواه تعالى حتى في نفسه و عنه (عليه السلام) الزهد مفتاح باب الآخرة و البراءة من النار و هو تركك كل شيء يشغلك عن اللّٰه من غير تأسف على فوتها و لا إعجاب بتركها و لا انتظار فرج منها و طلب محمدة عليها و لا عوض لها بل ترى فوتها راحة و كونها آفة و تكون ابدا هاربا بأمن الافة معتصما بالراحة و اما درجاته باعتبار ما يعرضه من الحكم الشرعي فأدناها الفرض و هو ان يزهد في الحرام خاصة و هو زهد العدول ثم السنة و هو الزهد (الكافي) ما يرجح تركه و لم يثبت تحريمه من الشبهة و المكروه و هو زهد المتقين و اليه أشار بعض السلف بقوله الزهد التقوى ثم النفل بمعنى أخص من السنة و هو في فضول المباح و اليه الإشارة بقول ابى عبد اللّٰه عليه السلم و قد سئل عن الزاهد في الدنيا الذي يترك حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عذابه و نزلها في الحقائق على ثلث ايضا الفرض كما هنا و السلامة في الشبهات و النفل في الحلال و هو الموافق للاحياء و الدرجات العالية قد تتصادق

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست