responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 152

لا و قلما ينفك عن الرغبة و هذا مما لا بحث عنه و قد وسع اللّٰه عليه في الجملة مهما كان غير باغ و لا عاد و لا متجانف لإثم و ان لا يكن المفقود ضروريا فان فرح بحالته تلك و كره المال الزائد على ما تندفع به الضرورة لو أتاه و تأذى منه و هرب من قبول محترزا من شره و شغله فزاهد من الزهد و هو ضد الرغبة و ان لم يكره كراهة يتأذى به و لم يرغب رغبة يفرح بحصوله و لو أتاه عفوا رضى به فراض و ان كان له رغبة فيه لكنها ضعيفة لا تنهضه للسعي و الاشتغال بالتحصيل فقعد و ترك الطلب مع ان الوجود عنده أحب و لو أتاه صفوا أخذه و فرح به فقانع إذ قنع نفسه بالموجود حتى ترك الطلب مع ما فيه من الرغبة و ان رغب فيه رغبة قوية تحثه على الطلب مهما وجد اليه سبيلا و لو بشق الأنفس فإن شغلته به و سعى للتحصيل فحريص من الحرص و هو الشق لانه يشق قناع الحياء أو هو ان يأخذ نصيبه و يطمع في نصيب غيره و ان عجز عن الطب و تركه للعجز فحريص ايضا كالساعي و مجرد قعوده عنه عجزا لا يسلب عنه هذا الاسم المذموم فهذه خمسة أحوال للفاقد في فقده مترتبة و الأعلى الزهد و أعلى منه تسوية الوجود و العدم عنده فان وجده لم يفرح و لم يتاذ و ان فقده كذلك و الفرق بينه و بين الرضا ان الراضي و ان كان غير كاره لحصوله و لا راغبا اليه لكن ربما يتصور ان يتعلق به قلبه بعد الحصول و يحصل له الانس به و الإخلاد إليه فإن ذلك غير مناف لمرتبة الرضا بخلاف الأخير فإنه غير متقيد به قبل الحصول و بعده فلو كانت الدنيا بحذافيرها له لا يتفاوت حاله بين بقائها و ذهابها و لا يشتغل قلبه بها بوجهه و اما ترجيحه على الزهد فلان الزاهد متعلق القلب بكراهته و التحرج عنه و مشتغل بذلك عن اللّٰه و مثاله مثال الرقيب الحاضر في مجمع العاشق و المعشوق فان التفت قلب العاشق الى الرقيب و الى بغضه و استثقاله و كراهة حضوره فهو في حالة اشتغال قلبه ببغضه مصروف عن التلذذ بمشاهدة المعشوق و لو استغرقه العشق لغفل عن غير المعشوق و لم يلتفت اليه و كما لا يجتمع في القلب حبان في حالة واحدة فلا يجتمع ايضا بغض و حب في حاله واحدة فالزاهد المشغول ببغض الدنيا محجوب عن اللّٰه كالمشغول بحبها الا ان الأخير سالك في طريق البعد و الأول في طريق القرب فيرجى له الوصول كرجلين في طريق الكعبة أحدهما مستقبل و الآخر مستدبر فإنهما سيان في البعد عنها بحسب الحال الا ان المستقبل أحسن حالا من المستدبر بحسب العاقبة المرجوة لكن الواصل المعتكف في الكعبة أحسن حالا منه لبلوغه المقصد و استغنائه عن الاستقبال و الاستدبار و هذا الحال لا يكاد يوجد إلا في الأوحدي من الناس من

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست