responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 113

محمودة فاضله و هم قليلون و قسم يوجد فيهم أخلاق مذمومة و هم كثيرون و قسم لا يوجد فيهم شيء منهما و انما يكتسبونها بعد التمييز بالعادات و هم الأكثرون و هؤلاء فاقدون للأخلاق الشخصية و انما أخلاقهم كلها عادية و قد عرفت فائدة تهذيب الأخلاق فيها و اما القسم الأول ففائدته فيهم تقوية الملكات المحمودة و زيادة الخير و اما المجبولون على الملكات المذمومة فلا ننازع في انه لا مطمع في إزالتها عنهم لكن لا نسلم انتفاء الفائدة في حقهم إذ لو لم تجاهد و تدافع أخلاقهم المذمومة تكون الأفعال الصادرة عنهم جارية بحسب اقتضائها فتتعاضد العادة و الطبيعية جميعا و تقوى الذميمة جدا بخلاف ما إذا جوهدت بالمخالفة و إجراء العادة على ما يضادها فإن العادة حينئذ تعاوق الطبيعة و تمانعها و ينتقص الشر فان الصفراوي الغضوب مثلا لو خلى و طبعه لتكرر منه الغضب لوجود المقتضى و فقد المانع كما هو المفروض فتصير الذميمة الطبيعية عادية و يعظم الخطب اما لو تأدب بالرياضة و التهذيب على خلاف مقتضى الطبع فان المانع يضعف أثر المقتضي فالفائدة في هذا القسم موجودة أيضا و هي تنقيص الشر و لو فرض أن أفراد النادرة من الذمائم الطبيعية الشديدة الرسوخ يتعذر الخلوص عن مقتضاها في بعض الأفراد النادرة من الناس لم يكن ذلك قادحا فيما يشتمل على مصلحة الأكثرين كما ان تعذر معالجة بعض الأمراض في بعض المرضى ليس قادحا في علم الطب و لا مقتضيا لبطلانه إذ يكفي في صحته إمكان معالجة بعض الأمراض في بعض المرضى و لا يتوقف على إمكان معالجة جميعها في جميعهم فان قلت فعلى هذا لا يحسن تكليف كل فرد من افراد الناس بتهذيب كل فرد من افراد الأخلاق إذ يحتمل كونه مما يتعذر تهذيبه قلت كل فرد من افراد الأخلاق لا قطع عليه بأنه مما يتعذر تهذيبه فهو في مرتبة الاحتمال و الافراد الغالبة ممكنة التهذيب فيقوى الحاقه بها فيحسن التكليف و بما قررناه ظهر لك حال أدلة الطرفين و هو من الأمر بين الأمرين و الرذائل يجر بعضها بعضا فان الشر في شهوة البطن مثلا يؤدى غالبا الى الشبق و تشتد الحاجة الى المال لتفويم المأكول و المنكوح و يحصل الحرص و البخل و الى الجاه لتحصيل المال و حفظه و يولد منه العجب و الكبر و الحقد و الحسد و الغضب و الغرور و الرئاء و النفاق و غير ذلك و كما ان جرائم الجوارح قلما يتفق ان يخرج شيء منها الى الوجود الا مكشفا بأمثاله من الذنوب فان الزنا مثلا لا يكاد يقع غالبا الا مسبوقا بالنظر و المراودة و الملامسة و المضاجعة و التقبيل

اسم الکتاب : التحفة السنية في شرح النخبة المحسنية المؤلف : الجزائري، السيد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست