اسم الکتاب : التبيان في تفسير القرآن المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 247
المضر كأنه قال: مافعله إلا قليل منهم. وهذايجوز في النفي دون الاثبات، لانه لايجوز أن يقول فعله إلا قليل منهم، لان الفعل ليس للقليل في الاثبات كما هو لهم في النفي. وقال الكسائي: ارتفع بالتكرار. والمعنى مافعلوه ما فعله إلا قليل.
ومن نصب فانه قال: الاستثناء بعدتمام الكلام، لان قوله: " ما فعلوه " كلام تام كما أن قولك فعل القوم كلام تام. فاستثنى بعده، ولم يجعل ما بعد إلا عليه الاعتماد. والوجه الرفع، لان الفعل لهم. فهو أدل على المعنى. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي " إن اقتلوا " بضم النون وبضم الواوفي قوله: " أو اخرجوا " وقرأ عاصم وحمزة بكسرهما وكسر النون. وضم الواو أبوعمرو. فمن ضمهما فلان الثالث مضموم أنبع الضمة. ومن كسرهما فعلى أصل الحركة لالتقاء الساكنين.
ومعنى قوله: (ولو أنا كتبنا عليهم) أي لو أنا ألزمناهم وأوجبنا عليهم " أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم " أي لو كتبنا عليهم ذلك - كما أوجبنا على قوم موسى وقتلوا أنفسهم وأخرجهم إلى التيه - مافعله هؤلاء للمشقة التي فيه مع أنه كان ينبغي أن يفعلوه، لمالهم فيه من الحظ، لانا لم نكن لنأمرهم به إلا لما تقضيه الحكمة، وما فيه من المصلحة مع تسهيلنا تكليفهم وتيسيرنا عليهم، فمايقعدهم عنه مع تكامل أسباب الخير فيه وسهولة طريقة؟ ولو فعلوا ما يوعظون به أي ما يؤمرون به، لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان البصيرة أثبت من اعتقاد الجهالة لما يعتري فيها من الحيرة واضطراب النفس الذي يتميز من حال المعرفة بسكون النفس إليه.
الثاني - ان اتباع الحق إثبت منفعة لان الانتفاع بالباطل يضمحل بمايعقب