اسم الکتاب : التبيان في تفسير القرآن المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 12
المعنى واللغة:
هذا إخبار عن الربيين الذين ذكرهم في الآية الاولى بأنهم كانوا يقولون في أكثر أحوالهم " ربنا اغفر لنا ذنوبنا " لان من المعلوم أنهم قد كانوا يقولون أقوالا غير هذا، لكن لما كان هذا هو الاكثر لم يعتد بذلك. وقيل: معناه وما كان قولهم حين قتل نبيهم إلا هذا القول انقطاعا إلى الله وطلبا لمغفرته. وقوله:
" اغفرلنا ذنوبنا " أي استرها علينا بترك عقابنا، ومجازاتنا عليها " واسرافنا في امرنا " فالاسراف هو مجاوزة المقدار الذي تقتضيه الحكمة. والاسراف مذموم، كما أن الاقتار مذموم، كما قال تعالى: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " [1] وكما قال " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " [2] والاسراف، والافراط بمعنى، وضدهما التقصير والتقتير. وقيل الاسراف مجاوزة الحق إلى الباطل بزيادة أو نقصان والاول أظهر. وأصل الاسراف مجاوزة الحد يقال: سرفت القوم إذا جاوزتهم، وأنت لا تعرف مكانهم وسرفت الشئ إذا نسيته لانك جاوزته إلى غيره بالسهو عنه. ويقال: أصنع من سرفة، وهي دويبة صغيرة تنقب الشجر، وتبني فيه بيتا.
إن قيل: كيف قوبل الذنوب والاسراف في الامر؟ قلنا: قال الضحاك: هو بمنزلة اغفر لنا الصغير والكبير من خطايانا.
الاعراب، والمعنى:
و " قولهم " نصب بأنه خبر (كل) والاسم (أن قالوا)، وانما اختير ذلك، لان ما بعد الايجاب معرفة، فهو أحق بأن يكون الاسم، كقول الشاعر:
وقد علم الاقوام ما كان داءها * بثهلان إلا الخزي ممن يقودها [3]