و هي حادثة أوائل القرن الثامن بساحل نيل مصر و ما يجاوره، و بها من الجوامع عدة؛ من أقدمها للعزّ أيدمر [2]، أحد خواصّ الناصر محمد بن قلاوون و يعرف بالخطيري، و كلّ من جامع الواسطي و الأسيوطي [3] الذي جدّده ابن البارزي بعده بدهر، إلى غيرها من القصور، و الرّبوع، و البساتين، و المتنزّهات، و المناظر، و الأسواق، و الحواصل، و الشّون، و الحمّامات.
و لقد اتسعت جدا، و كثر أهلها، و صارت من البلاد الهائلة، و لا زال الرؤساء من حين ابتدائها و هلمّ جرّا يتعاهدون أماكنهم فيها للتنزّه؛ بل تكرّر نزول المؤيد شيخ المحمودي لذلك بالقصر البارزي منها، و ربما أقام فيه الشهر؛ لكن في حال [4] توغّله و أما في الصّحة فدون ذلك، و يصلي الجمعة هناك، و كان يمرّ في تلك الليالي من النّزه و البسط ما لا مزيد عليه؛ مع الإعراض عن قبيح المنكرات لإعراضه عنها. و بالجملة فهي أقلّ في انتشار الفساد من غيرها، و قلّ أن تخلو عن مدرّس، و قاض. و قد كتبت بها عن جماعة.
15- أخبرني أبو العباس أحمد بن علي الأنصاري، بقراءتي عليه ببولاق، أنا
[1] انظر «المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الآثار» للمقريزي 2/ 131- 132. قال الزّبيدي في «التاج» (بلق): و (بلاق) كغراب، و العامّة تقول (بولاق) ك طوبار، مدينة كبيرة على ضفة النيل، على فرسخ من مصر. ا ه.
[2] و يعرف بجامع التوبة. بناه الأمير عز الدين أيدمر الخطيري؛ حيث بالغ في عمارته، و تأنق في رخامه، فجاء من أجلّ جوامع مصر و أحسنها. انظر «المواعظ و الاعتبار» للمقريزي 2/ 312.