اسم الکتاب : الإمام علي(ع) وتنمية ثقافة أهل الكوفة المؤلف : العبادي، محمد الجزء : 1 صفحة : 62
3 . الأمّة الصّالحة
البناء الثقافي لم يكن كاملاً ؛ لعدم وجود الأمّة الصّالحة في زمان أمير المؤمنين ، إلاّ أنّه كان هناك أفراد معدودين صالحين وسط ذلك الكم الهائل من الأعداد التي لا تقبل النّصح والطّاعة ، ولا ترتضي إلاّ أن تكون ضائعةً في التّيه المضاعف .
أولئك الأفراد الصّالحين هم بقايا صالحة زُحزحت عن تلك الأصناف الضائعة والضّالّة من أهل الكوفة .
قد مجّد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأفعالهم وحالاتهم ، وشاركوا بنصيب من وعظ الأمّة ، وولجوا مصير الجهاد في سبيل الله ، ( وَبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ ، وَأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ ، فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ وَخَائِفٍ مَقْمُوعٍ ، وَسَاكِتٍ مَكْعُومٍ وَ دَاعٍ مُخْلِصٍ ، وَثَكْلانَ مُوجَعٍ ، قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ ، وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ ، فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ ، أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ ، قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا ، وَقُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا ، وَقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا ) [1] .
أما الثّقل الأكبر من أهل الكوفة ، فقد آثروا العصيان والتمرد ، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ورث جيلاً لا يصلح لشيء ولا يصلحه شيء ، إلاّ الطّريق الذي يُخرج الإمام عن طبعه وأخلاقه ، ( يا أهل الكوفة ، أَتروني لا أعلم ما يصلحكم ؟ بلى ولكنّي أكره أن أصلحكم بفساد نفسي ) [2] .