اسم الکتاب : الإمام علي(ع) وتنمية ثقافة أهل الكوفة المؤلف : العبادي، محمد الجزء : 1 صفحة : 101
لقد ذكّر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بسيرة الماضين وكيف كانوا ، وكيف مضوا ، بعد أن نعموا في أعمارهم ، ولهوا في إمهالهم ، فصاروا إلى ما رحلوا إليه من المصير ( عِبَادَ اللَّهِ أَيْنَ الَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا ، وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا ، وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا ، وَسُلِّمُوا فَنَسُوا ، أُمْهِلُوا طَوِيلاً ، وَ مُنِحُوا جَمِيلاً ، وَ حُذِّرُوا أَلِيماً ) [1] .
إنّ أهمية هذا الأسلوب تكمن في التأكيد على التذكير وقبوله ، حتى يتسنّى الاعتبار للناس من التذكير ( عبادَ الله إنّ الدّهر يجري بالباقين كجريه بالماضين ، لا يعود ما قد ولّى منه ، ولا يبقى سرمداً ما فيه ... ) [2] .
3 . الأسلوب التحاوري
الغاية من هذا الأسلوب هو معرفة آداب الكلام ، لقد علّم الإمام الناس كيف يكون الكلام حيّاً وذي سداد ، من خلال إلقاء سهام الكلام في المحلّ المقرّر له .
يذكر أهل الحديث أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في أثناء نزوله النهروان ، التقى جميل ـ كاتب أنوشيروان ـ وسأله : كيف ينبغي للإنسان يا جميل أن يكون ؟
قال : يجب أن يكون قليل الصديق كثير العدّو ، قال : أبدعت يا جميل ! فقد أُجمع على أنّ كثرة الأصدقاء أولى ، فقال : ليس الأمر على ما ظنّوا ، وذكر ما حاصله أنّهم إذا كثروا كلّفوا السعي في حاجة ولا يمكن أن ينهض الإنسان بها كما يجب وينبغي ، وجاء في المثل المعروف : ( من كثرة الملاّحين غرقت السفينة ) .