اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 3 صفحة : 387
و الاستشراق لم ينشأ اعتباطا و لا مصادفة بل أغلب الظن أنه نشأ حسب خطة موضوعة، فإن الغرب قد انتهز الفرصة حينما رأى الشرق غارقا في خلافاته و فتنه و اضطراباته، فأقبل عليه بخيله و رجله يحمل دياره، و يستعبد أهله و يستثمر خيراته و طاقاته، و يستبد بثمراته و بركاته، و يشوه معالم عقائده و مبادئه، و خصائص أهله، و كان المسيّر لهذا الاحتلال و الاستبداد هو الأحقاد الدينية، و الثارات الصليبية، و الضغائن الغربية العميقة الجذور ضد الإسلام و العرب ...
و تراهم يولعون بتناول مواطن خاصة، ينالون فيها من الإسلام، و يعرضون به، كما يولعون بتتبع الأساطير و القصص التي لا تثبت صحتها، ليبنوا منها أحكاما كلها أوهام و خيالات و إسراف في إصدار النتائج و الأحكام.
و يولعون بتصوير الإسلام في صورة الدين الجامد الذي لا يصلح للتطور أو التجديد، و من كيدهم في هذا الباب أنهم يحكمون دائما على الإسلام من واقع المسلمين فهم لا يصورون الإسلام من منابعه و مصادره، بل يصورونه من واقع المسلمين السيئ، و هم بطبيعة الحال يختارون البيئات الإسلامية التي نالها الضعف، أو الهزال لهذا السبب أو ذاك و يجعلون هذه البيئات الضعيفة نموذجا للإسلام ... الخ.
هكذا عرفهم الأستاذ أحمد الشرباصي المدرس بالأزهر و الرائد العام لجمعيات الشبان المسلمين [1].
دراسة المستشرقين:
لقد قام المستشرقون بدراسات واسعة حول الإسلام، فنشروا كتبا كثيرة، و توسعوا في الدراسات إلى حد بعيد، و بذلوا جهودا، و لكن أكثرهم- إن لم يكن كلهم- لم يسلم من التحامل على الإسلام، و العداء لأهله، و إن تحقق ذلك في شخص تخلف عن كثيرين.
و لو أنهم كانوا قد جردوا تلك الدراسات عن التحيز و التحامل و التزموا الإنصاف
[1] انظر التصوف عند المستشرقين ص 6- 10 العدد 27 من سلسلة الثقافة الإسلامية.
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 3 صفحة : 387