اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 636
و على أي حال فإن رواية الصحابي و قبولها عند الشيعة لم يكن كما يذهب إليه غيرهم من عدم الاعتماد مطلقا.
و ليس من الحق أن يقال لمن احتاط لدينه و تثبت في أخذ أحكامه أنه طعن على أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم).
فإذا أردنا أن نتثبت في قبول رواية أبي هريرة مثلا و نقف أمام أحاديثه موقف التثبت لاستجلاء الواقع و ظهور الحقيقة يقال هذا طعن على الصحابة.
أ ليس من الحق أن نقف موقف الإنكار على كثرة أحاديثه الهائلة و نتساءل عن اختصاصه بمنزلة لم تكن لأحد من الصحابة قط، و هو حديث عهد في الإسلام. فإنه أسلم بعد خيبر في السنة السابعة، و ذهب إلى البحرين مع العلاء في السنة الثامنة، و بقي فيها إلى أن توفي النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، فتكون صحبته أقل من سنتين. فكيف يختص بما لم يختص به من هو أسبق إسلاما، و أكثر ملازمة منه للنبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و أفرغ بالا لقبول ما يسمع؟؟
فقد كان أبو هريرة مشغولا بسد رمقه، و يصرع من الجوع مرة بعد أخرى، و كان يتعرض للناس يسألهم عن مسائل، و ما كان يقصد إلا أن يتعطفوا عليه بشيء يسد رمقه، لما ذا كانت هذه الكثرة الهائلة عند أبي هريرة دون غيره من أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)؟! فقد كانت كثرة أحاديثه تبعث على الاستنكار و التساؤل، فقد روى عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) 5374 حديثا، و قد أنكر الصحابة عليه ذلك و كذبوه، و كان يعتذر بأن غيره من الصحابة تشغلهم التجارة.
روى الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: إنكم تقولون ما بال المهاجرين لا يتحدثون عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) بهذه الأحاديث، و إن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم في الأسواق، و إن أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أراضيهم و القيام عليها، و إني كنت امرأ معتكفا أكثر من مجالسة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أحضر إذا غابوا و أحفظ إذا نسوا [1].
و هذا لاعتذار لا يمكن قبوله إذ لم يقبله أصحاب النبي، و قد أنكرت عليه عائشة و ابن عمر، و نهاه عمر بن الخطاب عن الحديث.