اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 632
يعرف هناك عدم الالتزام بما ألزموا الأمة به من القيود التي فرضتها ظروف خاصة، و هو القول بعدالة الصحابي و إن ارتكب ما حرم اللّه.
و التحدث عن سيرة عليّ لا يتسع له مجال هذا الموضوع الذي خضناه بهذه العجالة، و الغرض أن أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) لا بد أن يلتزموا باجتناب ما حرم اللّه تعالى و يهتدوا بهدي رسوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و لم يفتحوا المجال لمتأول في مقابلة النص، و للاجتهاد شروط، و لعل في قصة قدامة أكبر دليل على ذلك.
قدامة بن مضعون:
قدامة بن مضعون بن حبيب المتوفى سنة 36 ه- كان من السابقين الأولين و هاجر الهجرتين و استعمله عمر بن الخطاب على البحرين، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر بن الخطاب من البحرين و شهد على قدامة أنه شرب الخمر فسكر، فقال: من يشهد معك، فقال الجارود: أبو هريرة، فقال عمر لأبي هريرة: بم تشهد؟
قال: لم أره شرب و لكن رأيته سكران يقيء. فقال عمر: لقد تنطعت في الشهادة، ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين فقدم، فقال الجارود: أقم على هذا حد اللّه.
فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد؟ فقال: شهيد. فقال: قد أديت شهادتك.
ثم غدا الجارود على عمر فقال: أقم على هذا حدّ اللّه فقال عمر: ما أراك إلا خصما و ما شهد معك إلا رجل واحد، فقال الجارود: أنشدك اللّه. فقال عمر:
لتمسكن لسانك أو لأسوأنك. فقال: يا عمر ما ذلك بالحق أن يشرب ابن عمك الخمر و تسوأني، فقال أبو هريرة: يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فاسألها- و هي امرأة قدامة- فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها، فأقامت الشهادة على زوجها.
فقال عمر لقدامة: إني حادّك، فقال قدامة: لو شربت كما تقول ما كان لكم أن تحدّوني. فقال عمر: لم؟
قال قدامة: قال اللّه عزل و جل: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ... الآية فقال عمر: أخطأت التأويل أنت إذا اتقيت اللّه اجتنبت ما حرم اللّه، ثم أقبل عمر على الناس فقال: ما ترون في جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام مريضا. فسكت على ذلك أياما ثم أصبح و قد عزم على جلده، فقال: ما ترون في جلد
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 632