اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 618
هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة و الكتاب و السنة بنينا على هذا الرأي كما هو مفصل في مظانه من أصول الفقه. لكن الجمهور بالغوا في تقديس كل من يسمونه صحابيا حتى خرجوا عن الاعتدال، فاحتجوا بالغث منهم و السمين، و اقتدوا بكل مسلم سمع من النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أو رآه اقتداء أعمى، و أنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو، و خرجوا في الإنكار على كل حد من الحدود. و ما أشد إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة مصرحين بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال عملا بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية و البحث عن الصحيح من الآثار النبوية.
و بهذا ظنوا بنا الظنون فاتهمونا بما اتهمونا رجما بالغيب و تهافتا على الجهل.
و لو ثابت إليهم أحلامهم و رجعوا إلى قواعد العلم لعلموا أن أصالة العدالة في الصحابة مما لا دليل عليها، و لو تدبروا القرآن الحكيم لوجدوه مشحونا بذكر المنافقين منهم. و حسبك منه سورة التوبة و الأحزاب ...
مسألة الصحابة:
و على أي حال فإن فروض المسألة ثلاثة:
الأول: أن الصحابة كلهم عدول أجمعين، و ما صدر منهم يحتمل لهم، و هم مجتهدون. و هذا هو رأي الجمهور من السنة.
الثاني: أن الصحابة كغيرهم من الرجال و فيهم العدول، و فيهم الفساق، فهم يوزنون بأعمالهم، فالمحسن يجازى لإحسانه، و المسيء يؤخذ بإساءته. و هذا رأي الشيعة.
الثالث: أن جميع الصحابة كفار- و العياذ باللّه- و هذا رأي الخارجين عن الإسلام و لا يقوله إلا كافر، و ليس من الإسلام في شيء.
هذه ثلاثة فروض للمسألة و هنا لا بد أن نقف مليا لنفحص هذه الأقوال: أما القول الثالث فباطل بالإجماع و لم يقل به إلا أعداء الإسلام أو الدخلاء فيه. و أما القول الأول و هو أشبه شيء بادعاء العصمة للصحابة، أو سقوط التكاليف عنهم، و هذا شيء لا يقره الإسلام، و لا تشمله تعاليمه.
بقي القول الوسط و هو ما تذهب إليه الشيعة، من اعتبار منازل الصحابة حسب الأعمال، و درجة الإيمان و ذلك:
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 618