responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 595

و قد رأيت هؤلاء أيضا كلما رأوا غلو الرافضة في حب علي و تقديمه، قابلوا ذلك أيضا بالغلو في تأخير علي (كرم اللّه وجهه)، و بخسه حقه، و لحنوا في القول و إن لم يصرحوا إلى ظلمه، و لم يوجبوا له اسم الخلافة لاختلاف الناس عليه، و أوجبوها ليزيد بن معاوية لاجتماع الناس عليه، و اتهموا من ذكره بخير و تحامى كثير من المحدثين أن يحدثوا بفضائله (كرم اللّه وجهه)، أو يظهروا ما يجب له و كل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح ... و ساووا بينه في الفضل و بين أهل الشورى، لأن عمر لو تبين له فضله لقدمه عليهم و أهملوا من ذكره أو روى حديثا من فضائله حتى تحامى كثير من المحدثين أن يتحدثوا بها، و عنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص و معاوية، كأنهم لا يريدونها و إنما يريدونه، فإن قال قائل: «أخو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) عليّ و أبو سبطيه الحسن و الحسين و أصحاب الكساء عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين» تمعرت الوجوه، و تنكرت العيون، و ظهرت حسائك الصدور. و إن ذكر ذاكر قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم):

«من كنت مولاه فعلي مولاه» و: «أنت مني بمنزلة هرون من موسى» و أشباه هذا، التمسوا لتلك الأحاديث المخارج لينتقصوه و يبخسوه حقه بغضا منهم للرافضة و إلزاما لعلي (عليه السلام) ما لا يلزمه. و هذا هو الجهل بعينه، و السلامة من ذلك أن لا تهلك بمحبته و لا تهلك ببغضه و أن لا تحتمل ضغنا عليه بجناية غيره فإن فعلت فأنت جاهل مفرط في بغضه، و أن تعرف مكانه من الرسول بالتربية و الأخوة و الصهر، و الصبر في مجاهدة أعدائه، و بذل مهجته في الحروب بين يديه مع مكانه في العلم، و الدين، و البأس، و الفضل ... إلى أن يقول:

و لو كان إكرامك لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) هو الذي دعاك إلى محبة من نازع عليا و حاربه و لعنه إذ صحب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)- يعني معاوية- لأنت بذلك في عليّ أولى لسابقته و فضله و خاصيته و قرابته و الدناوة التي جعلها اللّه بينه و بين رسوله عند المباهلة حين قال تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ‌ [آل عمران: 61] فدعا حسنا و حسينا «و نساءنا و نساءكم» فدعا فاطمة (عليها السلام) «و أنفسنا و أنفسكم» فدعا عليا (عليه السلام)، و من أراد اللّه تبصيره بصره، و من أراد به غير ذلك حيره‌ [1].

هكذا تأثر ذلك المجتمع و تكيف بمزاج الدولة، و لم تجر الأمور طبقا للحقيقة،


[1] الاختلاف في اللفظ لابن قتيبة ص 47- 49.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 595
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست