اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 587
بالزعامة، و كانت كمدرسة جامعة تأوي إليها طلاب العلوم، فكان عدد تلامذته ثلاثمائة من الشيعة و كثير من سائر المذاهب، لذلك ترجم له السبكي في طبقات الشافعية [1] و غيره، لأنه كان يملي على أهل المذاهب و يجيبهم عن مسائلهم لغزارة علمه وسعة اطلاعه، فكان يفيد الأمة بعلومه، و أملى كتابه المعروف بالأمالي على تلامذته، يقع في مجلدين و كانت له منزلة علمية عظيمة في بغداد، و قد جعل له خليفة عصره- القائم بأمر اللّه عبد اللّه بن القادر- كرسي الكلام و الإفادة، لأنه فاق أقرانه فتعين هو لتلك المنزلة، و لما هبت عواصف الطائفية و اشتد النزاع بين المذاهب و بين السنة و الشيعة بالأخص، و كان الموقف في الوقت على أشد ما يكون من الخصام، و لم تزل الدولة تنضم لجانب السنة فأحرقت كتب الشيخ بأمر طغربك أول ملوك السلاجقة، قال السبكي: و قد أحرقت كتبه- أي الشيخ الطوسي- عدة نوب بمحضر من الناس. و كذلك أمر السلجوقي بإحراق مكتبة الشيعة في محلة الكرخ، و كانت تحتوي على أكثر من عشرة آلاف مجلد من أهم الكتب كلها بخطوط الأئمة المعتبرة و أصولهم المحررة كما ذكر ذلك ياقوت الحموي و غيره. و في سنة 448 ه- نهبت داره و كبست و أخذت كتبه و الكرسي الذي كان يجلس عليه للكلام فأحرقت [2] و هاجر الشيخ إلى النجف فقصده طلاب العلم، فأصبحت دار هجرة لانتهال العلم و لم تزل حركتها بنشاط من ذلك العهد تقصدها و فود العالم الإسلامي لأخذ العلم و الانتماء لمعهدها على ممر الدهور.
فالشيخ الطوسي يعد في الواقع هو واضع الحجر الأساسي لمعهد النجف الأشرف، و قبره فيها قريبا من المرقد المطهر.
و له مؤلفات كثيرة تبلغ الخمسين مؤلفا في شتى العلوم. و أهمها التهذيب و الاستبصار في الحديث.
و الحديث عن حياة شيخ الطائفة واسع، و ناحية البحث عنها لا يمكننا الإلمام بها في هذا العرض الموجز.
[1] طبقات الشافعية للسبكي ج 3 ص 51 و ترجم له في الشذرات و في البداية و النهاية لابن كثير و ابن الجوزي في المنتظم و غيرهم.