اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 566
الزهري: أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن و استشار فيه أصحاب رسول اللّه.
فأشار عليه عامتهم في ذلك، فلبث شهرا يستخير اللّه في ذلك شاكا فيه، ثم أصبح يوما و قد عزم اللّه له فقال: إني ذكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب من قبلكم كتبوا مع كتاب اللّه كتبا، فأكبوا عليها و تركوا كتاب اللّه، و إني و اللّه لا ألبس كتاب اللّه بشيء. فترك كتابة السنن [1].
و كان كثير من الصحابة و التابعين يكره كتابة العلم و تخليده في الصحف كعمر، و ابن عباس، و الشعبي، و قتادة و من ذهب مذهبهم.
قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: «من كره كتابة العلم إنما كرهه لوجهين:
أحدهما أن يتخذ مع القرآن كتاب يضاهي به، و لئلا يتكل الكاتب على ما يكتب، فلا يحفظ فيقل الحفظ».
و هذا هو رأي عمر و ما أدى إليه اجتهاده في ذلك. و قال ابن عبد البر أيضا: كان اعتماد الصحابة أولا على الحفظ و الضبط في القلوب غير ملتفتين إلى التدوين، فلما انتشر الإسلام و تفرقت الصحابة و مات معظمهم مست الحاجة إلى تدوين الحديث و تقييده بالكتابة [2].
و بهذا يظهر أن التدوين عندهم متأخر عن الصدر الأول، كما مر من رأي عمر في ذلك، و يذهب الغزالي إلى أن حدوث التدوين كان في سنة 120 ه- و بعضهم يرى أنه قبل ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز.
جاء في الموطأ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول اللّه أو سنته فاكتبه، فإني خفت دروس العلم و ذهاب العلماء، و أوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية و القاسم بن محمد بن أبي بكر. و أخرج أبو نعيم في تاريخ أصفهان عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى الآفاق: «انظروا إلى حديث رسول اللّه فاجمعوه».
و أبو بكر بن محمد بن عمر هذا كان أنصاريا مدنيا، ولي القضاء على المدينة لسليمان بن عبد الملك و لعمر بن عبد العزيز، و توفي سنة 120 ه-، و كانت ولاية