اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 564
و كذلك المهدي، و الهادي، و الرشيد لحظوه بالعناية و التقدير، فتوجهت إليه أنظار الناس، و ازدحموا على بابه، و انتشرت أقواله في الحجاز و كثر المنتمون لمدرسته، و استماع الموطأ منه، و لهذا اختلفت روايات الموطأ لكثرة رواته.
و قد حمل مذهب مالك في الحجاز فأظهره القاضي إبراهيم المعروف بابن فرحون [1].
كما أن مذهب مالك دخل الأندلس بواسطة زياد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 193 ه- و تولى الأمويون نشره هناك، و تزلف الناس إليهم بقبوله و كان قاضي القضاة يحيى بن يحيى لا يولي قاضيا إلا من كان ينتمي للمذهب المالكي كما كان أبو يوسف بالعراق بالنسبة لمذهب أبي حنيفة.
و قد أشرنا من قبل لعوامل انتشار المذاهب أن القضاة هم الذين يتولون نصرة المذهب و انتشاره.
و الخلاصة: أن الإمام مالك بن أنس قد ارتفع شأنه و علت منزلته عند ما اتجهت إليه الدولة بالعناية بعد محنته و تعذيبه و طلبوا وضع كتاب تقرره الدولة و يحملون الناس عليه بالسيف [2] و هو كتاب الموطأ الذي سنتكلم عنه الآن تحت عنوان (تدوين العلم) لنرى هل أن مالكا هو أسبق من دوّن في العلم أم غيره؟ و ما هو نصيب الشيعة في تدوين العلم؟ و ما هو أثرهم في نشاط الحركة العلمية؟
و لا بد لنا قبل الشروع في ذلك من القول: بأننا قد تركنا التعرض لآراء مالك و أقواله، فإن له آراء في السياسة و أقوال في أمور مختلفة لأن ذلك يستدعي الإطالة في القول و التوسع في البحث.
و لكننا سنتكلم حول رأيه في التفضيل فإن له رأيا يكاد ينفرد به عن علماء الإسلام، و ذلك أنه يذهب إلى تفضيل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان، و يسكت، و يقول:
هنا يتساوى الناس و هذا أمر غريب و سنبحث هذه المسألة قريبا تحت عنوان مشكلة التفضيل. و من اللّه التوفيق و السداد.