اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 560
الأمويين فيها و وعدوا الناس خيرا، و قطعوا على أنفسهم عهودا في تخفيفها، و العمل فيها بما أمر اللّه و رسوله، فكانت نتيجة الأمر أن يتضاعف البلاء و يكون الحال فيها أعظم مما كان في العهد الأموي، حتى التجأ بعضهم إلى الاحتماء باسم رجال الدولة كالوزير مقابل ذلك مقدار من المال في السنة.
يقول الجهشياري: إن من أهل الخراج من يلجئ أرضه و ضياعه إلى خاصة الملك و بطانته لأحد أمرين: إما للامتناع من جور العمال و ظلم الولاة و إما لدفع ما يلزمهم من الحق و الكسر له. و يعطي الجهشياري مثلا لذلك بقوله:
جاء رجل من أهل الأهواز إلى أبي أيوب المورياني و هو وزير المنصور فقال له: إن ضيعتي بالأهواز قد حمل عليّ فيها العمال، فإن رأى الوزير أن يعيرني اسمه أجعله عليها، و أحمل له كل سنة مائة ألف درهم.
فقال له: «قد وهبت لك اسمي فافعل ما بدا لك». و في العام التالي أحضر الرجل المال و دخل على أبي أيوب و أعلمه أنه قد انتفع باسمه، و أنه قد حمل المال فسر أبو أيوب كثيرا [1].
و كان أبو أيوب عبدا للمنصور اشتراه صبيا قبل الخلافة، و قلده الوزارة في خلافته، ثم غضب عليه فقتله سنة 153 ه- و استصفى أمواله، و قلد الوزارة من بعده للربيع بن يونس مولى آل عثمان بن عفان، و لم يزال وزيرا إلى أن مات المنصور [2].
و ليس في وسعنا أن نتوسع في قضية الخراج و تلاعب الجباة في ذلك و ما نال أهل الخراج من الشدة و التعذيب، بالسباع و الزنابير و السنانير [3] و ذلك في عهد المهدي العباسي.
و اشتد الأمر كلما امتد الزمن بالدولة العباسية، فقد كان عمال الخراج يستعملون وسائل الشدة و أنواع التعذيب، كما وصفوا بأنهم: عتاة ليس في قلوبهم رحمة و لا إيمان، شر من الأفاعي يضربون الناس و يحبسونهم، و يعلقون الرجل البدين من ذراع واحد حتى يموت.