responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 558

بأمره حرمات حتم اللّه صونها، و سفكت دماء فرض اللّه حقنها و زويت الأمر عن أهله، و وضعته في غير محله‌ [1].

و يقول في كتاب آخر للمنصور أيضا:

أما بعد فإني اتخذت رجلا إماما و دليلا على ما افترض اللّه على خلقه، و كان في محلة العلم نازلا، و في قرابته من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قريبا، فاستجهلني بالقرآن فحرفه عن مواضعه طمعا في قليل قد تعافاه اللّه إلى خلقه، و كان كالذي دلى بغرور، و أمرني أن أجرد السيف و أرفع الرحمة، و لا أقبل المعذرة، و لا أقيل العثرة، ففعلت توطيدا لسلطانكم، حتى عرفكم من كان يجهلكم، و أطاعكم من كان عدوكم، و أظهركم اللّه بي بعد الإخفاء و الحقارة و الذل، ثم استنقذني بالتوبة ... [2].

و الشي‌ء الذي يلفت النظر في هذه المراسلة هو اعتراف أبي مسلم بخطئه في تأويل الآيات التي حاول العباسيون انطباقها عليهم تمويها على الناس، كآية التطهير التي نزلت في آل محمد دون غيرهم، و ادعى العباسيون أنهم أهل البيت الذين تنطبق عليهم هذه الآية، و غيرها كآية المودة، لذلك تنبه أبو مسلم لهذا الخطأ في التأويل، و حاول أن يتدارك أمره بالتوبة، و إرجاع الأمر لآل علي، فراسل الإمام الصادق- كما ذكره غير واحد- بأن يدعو له، و يرجع الأمر إليه، و لكن الإمام رفض طلبه للأمور التي مر بيانها، فكان ذلك أعظم شي‌ء على المنصور و قامت قيامته حتى استطاع أن يعجل على أبي مسلم قبل اتساع الخرق، و انتشار الأمر. و هذا هو السبب الوحيد في قتله بتلك الصورة كما قتل من قبله أبو سلمة الخلال المعروف بوزير آل محمد لأنه حاول إرجاع الأمر لآل علي فقتله السفاح غيلة.

و جاء المنصور من بعده و هو اليقظ الذي أعطته المشاكل درسا، فكان قوي السطوة عظيم البطش، يخشى زوال ملكه، و تتصور أمامه أيام محنته و كده و نكده، يوم كان خائفا متخفيا يسعى في الأرض لإثارة الشعور، و تحريك عواطف الأمة بما نال أهل البيت من الجور الأموي، فسفكوا دماءهم و لم يراعوا بهم حرمة الدين و قرابة النسب من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، و كان يتوجع لمصائب الأمة و محنها في عهدهم.

فلما نال غرضه و ما يقصده من وراء ذلك فكان مثالا للظلم و العدوان، و فتح‌


[1] تاريخ بغداد ج 10 ص 208.

[2] البداية و النهاية ج 10 ص 14.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 558
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست