responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 554

رسالة الإمام الصادق حول القياس:

أما بعد فإنه من دعا غيره إلى دينه بالارتياء و المقاييس لم ينصف و لم يصب حظه لأن المدعو إلى ذلك لا يخلو من الارتياء و المقاييس، و متى ما لم يكن بالداعي قوة في دعائه على المدعو لم يؤمن على الداعي أن يحتاج إلى المدعو بعد قليل، لأنا قد رأينا المتعلم الطالب ربما كان فائقا لمعلم و لو بعد حين! و رأينا المعلم الداعي ربما احتاج في رأيه إلى رأي من يدعو، و في ذلك تحير الجاهلون و شك المرتابون، و ظن الظانون! و لو كان ذلك عند اللّه جائزا لم يبعث الرسل بما فيه الفصل، و لم ينه عن الهزل، و لم يعب الجهل، و لكن الناس لما سفهوا الحق و غمطوا النعمة، و استغنوا بجهلهم و تدابيرهم عن علم اللّه، و اكتفوا بذلك دون رسله، و القوامين بأمره قالوا: لا شي‌ء إلا ما أدركته عقولنا و عرفته ألبابنا، فولاهم اللّه ما تولوا، و خذلهم حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون.

و لو كان اللّه رضي منهم اجتهادهم و ارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم يبعث إليهم فاصلا لما بينهم و لا زاجرا عن وصفهم، و إنما استدللنا أن رضى اللّه غير ذلك، ببعثه الرسل بالأمور القيمة الصحيحة و التحذير عن الأمور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه و صراطه و الأدلاء عليه بأمور محجوبة عن الرأي و القياس. فمن طلب ما عند اللّه بقياس و رأي لم يزدد من اللّه إلا بعدا، و لم يبعث رسولا قط و إن طال عمره قابلا من الناس خلاف ما جاء به حتى يكون متبوعا مرة، و تابعا أخرى، و لم ير أيضا فيما جاء به استعمل رأيا أو مقياسا حتى يكون واضحا عنده كالوحي من اللّه، و في ذلك لكل ذي لب و حجى أن أصحاب الرأي و القياس مخطئون مدحضون ... الخ الرسالة.

و الغرض أن مالكا كان يعد من أهل الرأي و قد نهاه أستاذه ابن هرمز عن الأخذ به كما حدث مالك عنه. قال مطرف: سمعت مالكا يقول: قال ابن هرمز: لا تستمسك على شي‌ء مما سمعته من هذا الرأي إنما افتجرته أنا و ربيعة فلا تتمسك.

و كما صرح مالك بذلك في قوله: إن نظن إلا ظنا و ما نحن بمستيقنين‌ [1] و كذلك كان تلاميذه و حملة حديثه و ناشري مذهبه يحذرون من الأخذ بآرائهم قال عبيد اللّه بن يحيى بن يحيى: كنت آتي ابن القاسم فيقول لي: من أين جئت؟ فأقول‌


[1] جامع بيان العلم ج 2 ص 33.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 554
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست