اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 547
1- إن الذين شهدوا الوحي، إنما هم الصحابة رضي اللّه عنهم لا من جاء بعدهم من أهل المدينة، و عن الصحابة أخذ التابعون من أهل كل مصر.
2- إن الخلفاء الذين كانوا لا يخلو حالهم من أحد وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكونوا قد بينوا لأهل الأمصار من رعيتهم حكم الدين أو لم يبينوا. فإن كانوا قد بينوا لهم الدين فقد استوى أهل المدينة و غيرهم في ذلك.
و إن كانوا لم يبينوا لهم فهذه صفة سوء أعاذهم اللّه تعالى منها، فبطل قول هؤلاء بيقين.
3- إنه إنما قال ذلك قوم من المتأخرين ليتوصلوا بذلك إلى تقليد مالك بن أنس دون علماء المدينة جميعا و لا سبيل لهم إلى مسألة واحدة أجمع عليها جميع فقهاء أهل المدينة المعروفون من الصحابة و التابعين خالفهم فيها سائر الأمصار [1].
المصالح المرسلة:
و من أصول مذهب مالك: القول بالمصالح المرسلة كما نسب إلى الحنفية القول بالاستحسان، و قد تسمى هذه المصالح بالاستصلاح، و معنى المصالح المرسلة المصالح التي لم يشهد لها من الشرع بالبطلان و لا بالاعتبار نص معين، و محل النزاع في العمل بها إذا صادمت دليلا آخر من نص أو قياس. و مثال ذلك الضرب بالتهمة للاستنطاق بالسرقة، فقد قال بجوازه مالك و يخالفه غيره.
لأن هذه المصلحة تعارضها أخرى، و هي مصلحة المضروب، لأنه ربما يكون بريئا، و ترك الضرب في مذنب أهون من ضرب بريء، فإن كان فيه فتح باب يعسر معه انتزاع الأموال. ففي الضرب فتح باب إلى تعذيب البريء.
و من ذلك المفقود زوجها إذا اندرس خبر موته و حياته و قد انتظرت سنين و تضررت بالعزوبة، و المرأة تباعد حيضها سنين و تعوقت عدتها في النكاح و بقيت ممنوعة منه، أخذ مالك برأي عمر فيهما فقال: تنكح زوجة المفقود بعد أربع سنين من انقطاع الخبر مراعاة لمصلحة الزوجة، و عدم الالتفات إلى مصلحة الغائب، و في المتباعد حيضها تعتد بثلاثة أشهر بعد أن تمر عليها مدة الحمل و هي تسعة أشهر