اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 515
فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة و هو نائم في ذاك الطاق؟ فأتينا ربيعة فقلنا: كيف يحظى بك مالك و لم تحظ أنت بنفسك؟ فقال: أ ما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حملي علم [1] و ذلك أن الدولة رفعته بعد غضبها عليه، و لذلك نرى مبادلة العواطف بين المنصور و مالك بن أنس.
فكان المنصور يقول لمالك: أنت و اللّه أعقل الناس و أعلم لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف و لأبعثن به إلى الآفاق فأحملهم عليه. و هذا غاية في التعظيم و الإجلال و أقوى عامل لرفع مالك و علو منزلته، و كان مالك يقول: وجدت المنصور أعلم بكتاب اللّه و سنة رسوله و آثار من مضى.
و بالجملة فإن هذا الحديث لا ينطبق على مالك و لم يعتن به أكثر من كتب عن مالك، و لكن المالكية جعلوه دليلا لهم على لزوم الأخذ عن مالك و هو كما ترى يبنى على الظنون و التكهن، و هذا لا يجدي، و لإن صح الحديث فلا مصداق له سوى حملة العلم و أعلام الأمة و ورثة الرسول الأعظم، فهم أئمة الهدى، و إن لهم في صحيح الآثار و أصدق الأخبار عن الصادق الأمين كفاية عن التمحل و التكلف بأمثال هذا و نحوه.
أمين زمانه:
ليس من الغريب أن تصل يد الوضع و الانتحال إلى ارتكاب ما لا يقبله العقل و لا يقره الوجدان و التتبع، و لا يتسق مع الواقع، و قد ورد ذلك في منقبة لمالك، هي بعيدة كل البعد عن الصحة، و لا يمكن قبولها بالمرة.
و ذلك أنهم ادعوا أن الإمام الصادق (عليه السلام) أوصى إلى مالك عند وفاته و إليك نص هذا الافتعال:
روى الشيخ عيسى بن مسعود الزواوي في كتاب مناقب مالك و يعزيه إلى كتاب أبي نعيم.