اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 500
فحفرت لهم حفيرة فدفنوا فيها، و عمل عليها دكانا [1]. و لا حاجة بنا إلى بيان أكثر من هذا مما استعمله المنصور مع أهل البيت، و كفى بذلك شاهدا على نوع السياسة الجديدة و سير حكم النظام الجديد.
تظاهر المنصور بالعدل:
و الذي يلفت النظر: هو محاولة المنصور تغطية أعماله بأقوال فارغة، و ادعاء كاذب و تظاهر بالزهد.
قيل لجعفر بن محمد (عليه السلام): إن أبا جعفر يعرف بلباس جبة هروية مرقوعة و إنه يرقع قميصه.
فقال جعفر (عليه السلام): الحمد للّه الذي ابتلاه بفقر نفسه في ملكه [2].
و ضرب كاتبه محمد بن جميل خمس عشرة درة لأنه لبس سراويل كتان و قال له: إن هذا من السرف، و هو يحاول بذلك أن يفهم الناس بأنه أمين على أموال الأمة، و دينه يمنعه بأن يرى كاتبه يسرف في لباسه.
و خطب في يوم عرفة فقال:
أيها الناس إنما أنا سلطان اللّه في أرضه أسوسكم بتوفيقه و تسديده، و أنا خازنه على فيئه أعمل بمشيئته، و أقسمه بإرادته و أعطيه بإذنه، فقد جعلني اللّه عليه قفلا إذا شاء أن يفتحني لأعطياتكم و قسم فيئكم فتحني، و إذا شاء أن يقفلني أقفلني، فارغبوا إلى اللّه أيها الناس و سلوه- في هذا اليوم الشريف [3]- أن يوفقني للصواب و يسددني للرشاد، و يلهمني الرأفة بكم و الإحسان إليكم و يفتحني لأعطياتكم!.
فهو يحاول أن يتبرأ من عهدة بخله و يدعي طهارة ثوبه مما علق به من الدماء، و أنه أمر يعود إلى اللّه و بأمره، إذ هو سلطانه فيتبع الحق و يخالف الباطل، و لكن الواقع غير ما يقول.
ثم نراه يصل إلى درجة أخرى من التظاهر بالقداسة بموافقة أعماله لما يرضي اللّه