responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 47

و كان العباس بن الحسن بن الحسن‌ [1] واقفا على باب داره و أمه تراقبه و قلبها كجناح الطير من الخوف، فقبض عليه الشرطة، فأخذتها الدهشة و لم تستطع شيئا في الدفاع عنه، إلا أنها طلبت منهم أن تشم ولدها و تودعه، فكان الجواب بشدة و غلظة:

لا يكون ذلك، و قبض على محمد بن عبد اللّه بن عمرو ابن عثمان بن عفان أخو بني الحسن لأمهم، فأحضره أمامه و كلمه بما لا يليق ذكره، و أمر بأن يشق إزاره لتبدو عورته، و أمر بضربه بالسياط فضرب حتى سال دمه، و أرجعه لإخوانه فأقعد إلى جنب أخيه عبد اللّه بن الحسن، و كان قد أخذ العطش منه مأخذا فاستقى ماء فلم يجسر أحد أن يسقيه إلا خراساني رق عليه فسقاه ماء.

ثم أصدر المنصور أمره بحملهم من المدينة إلى العراق، بعد أن أثقلوا بالحديد و ضربوا بالسياط، و هو مطرب لنغمة السلاسل، و أنين المعذبين، فسار ذلك الموكب في شوارع المدينة محاطا بالجند، و هو يسرع الخطى من المدينة إلى الكوفة، إلى مقرهم الأخير فأودعوا ذلك السجن المظلم، الذي لا يعرف فيه الليل من النهار.

لقد أودعهم المنصور في بطن الأرض، و فعل بهم ما لا يفعل الحيوان المفترس بفريسته، و عاملهم بأقسى ما يتصور من الشدة، فهم لا يعرفون الليل من النهار، و كان الواحد إذا مات من شدة العذاب بقيت جثته ما بينهم، و هم صابرون محتسبون، يتلون الكتاب، و يقيمون الصلاة و لا يعرفون أوقاتها إلا بأجزاء من القرآن يقرءونها، و كانت خاتمة مطافهم أن هدم عليهم السجن فماتوا تحت أنقاضه.

الإمام الصادق و مشاكل العهدين:

و على أي حال فقد لقي أبو عبد اللّه في هذين العهدين كثيرا من المشاكل، فهو في العهد الأموي عرضة لأخطار أولئك القوم الذين يكيدون آل محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و يتوقعون الفرص للفتك بهم، و هو في عصره عميد البيت النبوي و سيد الهاشميين، و المبرز من آل محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و من رجال الأمة الذين كانوا يهم الدولة أمرهم باتجاه الأنظار إليهم،


[1] هو العباس بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن أبي طالب و أمه عائشة بنت طلحة الجود بن عمر بن عبد اللّه التيمي و كان العباس أحد فتيان بني هاشم و له يقول إبراهيم بن علي الشاعر:

لما تعرضت للحاجات و اعتلجت* * * عندي و عاد ضمير القلب وسواسا

جعلت أسعى لحاجاتي و مصدرها* * * برا كريما لثوب المجد لباسا

توفي في سجن المنصور سنة 145 ه- لسبع بقين من شهر رمضان و هو ابن خمس و ثلاثين سنة.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست