responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 467

هكذا وصفه معاصروه، و هكذا نقلوا عنه. و قد كانت له منزلة في الكوفة، و انتشر حديثه، و أخذ عنه العلماء. و بعد أن تطور الزمن و ظهرت الآراء، وهبت زوبعة الخلاف، و اشتد النزاع بين العرب و الموالي، أو بين أهل الحديث و أهل الرأي، و بدا في أفق السياسة عامل التفرقة، أصبح جابر لا يؤخذ بقوله، و رماه غير واحد بالكذب و كانت كلماتهم مشوشة، و أدلتهم على تكذيبه واهية و لم يدعموها بحجة، و لقد ظهر من أبي حنيفة القول بتكذيب جابر، لأن جابرا عارض أهل الرأي. و انتصر لأهل الحديث، و بالطبع أن ذلك يصعب عليهم. يقول أبو يحيى الحماني: قال أبو حنيفة:

«ما لقيت في من لقيت أكذب من جابر ما أتيته بشي‌ء من رأيي إلا جاءني فيه بأثر».

هذا هو استدلال أبي حنيفة على تكذيب جابر، و هو كما ترى، لأن أبا حنيفة قليل الحديث، و لم يكن من أهله حتى قيل: إنه لم يحفظ أكثر من سبعة أحاديث. و بالطبع إنه يستغرب كثرة أحاديث جابر، لأنه يحفظ مائة ألف حديث، على أن ذلك العصر قد تطلعت به رءوس الموالي، و بدأت عوامل الفرقة و أنصار أبي حنيفة يأخذون قوله بعين الاعتبار، فوسعوا تلك الدائرة، فكثرت كلمات الذم له جريا مع الظروف و خضوعا لعوامل الخلاف. و روي أن بعضهم رأى أحمد بن حنبل معه كتاب (زهير عن جابر) و هو يكتبه فقال: يا أبا عبد اللّه: تنهوننا عن حديث جابر (الجعفي) و تكتبونه؟! فقال الإمام أحمد: نعرفه‌ [1] و أدنى ما يفهم من كلمة أحمد أن يطلع على ما لدى جابر لشهرته. و قد قال الإمام الصادق (عليه السلام) في مدحه: رحم اللّه جابرا كان يصدق علينا، و لعن اللّه المغيرة، كان يكذب علينا.

و روى الكشي في رجاله روايات كثيرة دالة على مدحه، و له أصل يرويه الشيخ الطوسي عن ابن أبي جيد عن ابن الوليد، كما انه يذكر له كتابا في التفسير [2].

و على أي حال فإن الأمر لا يحتاج إلى مزيد بيان، لتلك العوامل التي أدت إلى تكذيبه من قبل بعض رجال عصره و بعد عصره. و قد كان يكثر روايته عن أهل البيت، و يقول عند ما يحدّث عن الإمام الباقر: حدثني وصي الأوصياء. و هو أمر يعظم تحمله في عصر تقرب الناس لولاتهم بالابتعاد عن أهل البيت، لذلك رأينا كثيرا من رجال‌


[1] المجروحين لابن حبان ج 1 ص 203.

[2] الفهرست للشيخ الطوسي ص 45.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 467
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست