اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 46
شيء لكان أول شيء تفصح عنه هي جثث الأبرياء الذين دخلوا في بطونها بدون جرم، و عند اللّه تجتمع الخصوم.
لقد سلبت الرحمة من قلبه فلا يعرف لها فيه موضعا، و كان يقف أمام المشاهد المحزنة موقف رجل لا تؤلمه مناظر البؤس أو تزعجه مواقف الشقاء، و قد جمع بين دمامة الوجه و قبح السيرة.
يمر موكبه عند ما أراد الحج بابنة عبد اللّه بن الحسن (ع) و كان أبوها تحت أسره و قد حمل مع من حمل من العلويين، فأرادت استعطافه، و الرفق بحال أبيها فأنشأت:
ارحم كبيرا سنة متهدم* * * في السجن بين سلاسل و قيود
و ارحم صغار بني يزيد انهم* * * يتموا لفقدك لا لفقد يزيد
إن جدت بالرحم القريبة بيننا* * * ما جدّنا من جدكم ببعيد
فكان جواب المنصور: أذكرتنيه. ثم أمر به فأحدر في المطبق و كان آخر العهد به.
هذه صورة من جور المنصور و قساوته لم تعطفه عاطفة الرحم، و لم تدعه الإنسانية إلى الرحمة بهذه المسكينة، و لم يراقب القربى و حرمة النسب و ذل موقفها بين يديه، و كيف يؤمل منه العطف على أهل بيت ينظر إليهم نظر خصم ملأ قلبه عليهم حقدا و نفخ في أوداجه غضبا.
مع المنصور و بني الحسن:
إنه لا يرى لملكه بقاء إن بقي منهم أحد في الوجود، و كان الفتك بهم هو شغله الشاغل و لا يتوقف في تنفيذ إرادته مهما كلفه الأمر فقام بذلك العمل الإرهابي و فتك بهم فتكا ذريعا يوم دخل المدينة محتجا بأداء فريضة الحج، و ما الحج أراد و لكنه أراد أن يعرف حقيقة الأمر عند ما يقوم بمهمة الفتك بآل محمد.
و ها هو يدخل المدينة و بنو الحسن في سجن رباح، فأمر بالقبض على من بقي منهم فترى شرطته و قواده يعلوهم الغضب، و يرتكبون الشدة، يأتون بأبناء علي واحدا بعد واحد و يودعونهم في السجن بأشد ما يتصور من القسوة.
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 46