اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 415
الدين، فكان من سياستهم أن يقبلوا قول كل أحد و لا يسمعون لأهل البيت قولا، و يعاقبون من يذكرهم في ذلك.
كما يحدثنا الإمام أبو حنيفة عند ما دعي ليسأل عن مسألة فقهية من قبل أحد الأمويين. قال أبو حنيفة: فاسترجعت في نفسي لأني أقول فيها بقول علي رضي اللّه عنه و أدين اللّه به، فكيف أصنع؟
قال ثم عزمت أن أصدقه و أفتيه بالدين الذي أدين اللّه به، و ذلك أن بني أمية كانوا لا يفتون بقول علي، و لا يأخذون به، إلى أن يقول: و كان علي لا يذكر في ذلك العصر باسمه، و كانت العلامة بين المشايخ أن يقولوا: قال الشيخ. و كان الحسن البصري يقول فيه: أخبرنا أبو زينب [1].
و يعطينا الحسن البصري [2] صورة جلية عن ذلك الاهتمام و الجهد الذي بذله الأمويون في معارضة حديث أهل البيت، فقد كان الحسن مع قربه من الدولة و عظيم منزلته في المجتمع إذا أراد أن يحدث عن علي (عليه السلام) يقول: قال أبو زينب، و يظهر الابتعاد عن علي (عليه السلام) حتى ظهر منه ما يوجب الإنكار عليه فقال له أبان بن عياش:
ما هذا الذي يقال عنك أنك قتلته في عليّ (عليه السلام)؟! فقال: يا ابن أخي أحقن دمي من هؤلاء الجبابرة- يعني بني أمية- لو لا ذلك لسال بي أعشب [3].
و لسنا بحاجة إلى إقامة الدليل على عظيم اهتمام الأمويين في معارضة حديث أهل البيت و خصومتهم لهم و معاقبة من يتقرب إليهم.
يقول الشعبي: ما ذا لقينا من آل أبي طالب؟ إن أحببناهم قتلنا، و إن أبغضناهم دخلنا النار [4]. و قد برهن الأمويون على ذلك بما احتفظ التاريخ بكثير منه.
و على أي حال فقد اشتدت المحنة على المسلمين، و أصبح الأكثر يجازف
[2] هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن البصري مولى أم سلمة المتوفى سنة 110 ه- كان مناصرا لبني مروان، و دولتهم مدينة له بقوة دفاعه كما هي مدينة للحجاج بقوة بطشه حتى قيل: (لو لا لسان الحسن البصري و سيف الحجاج لوئدت الدولة المروانية في مهدها و أخذت من وكرها).
[3] الحسن البصري لأبي الفرج بن الجوزي ص 7. و ابن أبي الحديد ج 1 ص 396.