اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 360
تلك الضرائب في الواقع مضرا في مصلحتها أو مخلا في ميزانيتها، بل كان معارضا لجشع الولاة، و طمع الجباة و مصلحة الدهاقين، فكانت تلك الأعمال القاسية التي سار عليها العمال تفسح للناقمين مجالا واسعا، و تملأ القلوب على الأمويين غيظا، لأن سيرة العمال مستمدة من سلطان لا يهمه تذمر الرعية، و لا يصغي لشكاية مظلوم، و يعظم على المسلمين أن تسودهم أمة تتجاهر بالظلم و تخالف الأحكام. و قد هجرت السنن و نبذت تعاليم الكتاب وراء الظهور، حتى أصبح ذلك من شعار الدولة، فكان رجال الأمة يتألمون من تلك الأوضاع السيئة، و ما حل بالأمة الإسلامية من الجور و العسف بالحكم، و إراقة الدماء و غصب الأموال و هتك الحرمات، فقام دعاة الإصلاح و صلحاء الصحابة بالمعارضة منذ عهد الدولة الأول، و أنكر المسلمون أشد الإنكار معاملة الأمويين الجائرة.
و كلما امتد عمر الدولة ازداد السخط و عظم الإنكار من جميع الطبقات و لهذا رافقت الثورات حكم الأمويين منذ البداية.
و كانت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هي بداية الانطلاق لنشر الوعي الإسلامي ضد الأمويين، و صرخة مدوية هزت عروش الظالمين، و أول طلائع تلك الثورات الإسلامية هي ثورة المدينة المنورة في واقعة الحرة سنة 63 ه- استنكارا لأعمال يزيد و إجرامه.
فكانت ثورة دموية انتهت بالغلبة للجيش الأموي، و أقدم جيش يزيد الذي أعدّه لهذا الغرض على ارتكاب فظائع و مذابح و جرائم أجمع المؤرخون على استنكارها، فقد أباح مسلم المدينة ثلاثا لجنده يقتلون أهلها، و يسلبونهم أموالهم، و قتل ثمانون من أصحاب الرسول و الباقون منهم أخذت عليهم البيعة ليزيد، بيعة عبودية و استرقاق.
كما قتل سبعمائة رجل من حملة القرآن، و ألف و سبعمائة من بقايا المهاجرين و الأنصار، و عشرة آلاف من أوساط الناس سوى النساء و الصبيان [1]، و افتض الأمويون ألف عذراء [2]. إضافة إلى أعمال النهب و السبي، و كان الرجل من أهل
[1] انظر البداية و النهاية ج 10 ص 22 و الدولة الإسلامية للخربوطلي ص 205.