اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 357
و بهذا جهدت الرعية، و فقدت الرفاهة، فكان الكل متأثرا من تأدية تلك الضرائب الثقيلة التي تتمتع بها أقلية مستهترة، و لا يهم ولاة الأمر بما ينجم من وراء ذلك من خراب البلاد، و اغتنم العمال رغبة ولاة الأمر في تحصيل المال و جبايته، فكانوا يعبثون في جبايتها للحصول على الثروة من وراء ذلك. و ربما كان الخلفاء من الأمويين يخولون عمالهم ما يحصل تحت أيديهم من جباية الضرائب.
فقد خول والي خراسان ما حصل له، و هو عشرون ألف ألف درهم من تلك الضرائب.
و سوغ يزيد بن معاوية لعبد الرحمن بن زياد والي خراسان بما اعترف له من المال، و هو عشرون ألف درهم، و كان عنده من العروض أكثر منها، فقال عبد الرحمن يوما لكاتبه: إني لأعجب كيف يجيئني النوم و هذا المال عندي! فقال له:
و كم مبلغه! قال: إني قدرت ما عندي لمائة سنة، في كل يوم ألف درهم لا أحتاج منه إلى شراء رقيق و لا كراع و لا عرض من العروض، فقال له كاتبه: أنام اللّه عينك أيها الأمير، لا تعجب من نومك و هذا المال عندك، و لكن اعجب من نومك إذا ذهب ثم نمت! فذهب ذلك المال كله، أودع بعضه فذهب، و جحد بعضه، و سرق بعضه.
فآل أمره إلى أن باع فضة مصحفه، و كان يركب حمارا صغيرا تنال رجله الأرض، فلقيه مالك بن دينار، فقال له: ما فعل المال الذي قلت فيه ما قلت؟ قال:
و لما ولي عمر بن عبد العزيز، عالج مشكلة الخراج و الجزية و الضرائب الإضافية التي هي أعظم من الخراج، إذا لم تكن محدودة أو مقررة، بل يعود أمرها إلى العمال أنفسهم. فكتب إلى عامل الكوفة:
أما بعد فإن أهل الكوفة قد أصابهم بلاء و شدة في أحكام اللّه، و سنة خبيثة سنها