اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 335
قال ابن شبرمة: ثم قال جعفر أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟ قال أبو حنيفة:
قتل النفس. قال الصادق: فإن اللّه عزّ و جلّ قبل في قتل النفس شاهدين و لم يقبل في الزنا إلا أربعة. ثم قال: أيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟ قال أبو حنيفة: الصلاة، قال الصادق: فما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة. فكيف ويحك يقوم لك قياسك! اتق اللّه و لا تقس الدين برأيك [1].
و قد احتفظ لنا التاريخ بكثير من تلك المواقف، التي كان فيها لأبي حنيفة موقف تسليم، لأنه أمام أمر واقع لا مجال فيه للجدل و المناقشة، و هو يعرف الإمام الصادق و خطته في مناظراته التي لا يريد بها إلا توجيه المسلمين توجيها صحيحا، و كان بيته يختلط فيه أشتات الناس على اختلاف آرائهم و مبادئهم و نحلهم، و كان ميدان المعترك الفكري واسعا في جميع الأنحاء، فكان (عليه السلام) في ذلك العصر مرجعا لكل مشكلة و مهمة، يقصده طلاب الحقيقة من الأنحاء القاصية و يختلف إليه أهل الجدل و النظر فيكون جوابه هو القول الفصل و الحكم العدل.
و كان (عليه السلام) إذا ورد الكوفة اختلف إليه علماؤها و أحاط به فقهاؤها يسألون عما يهمهم و يستقون من فيض علمه، كما كان من خطته (عليه السلام) أن يسأل بقصد التوجيه و سبرغور من يتحرى المناظرة و يتطرق إلى مذاهب الكلام و مناهي القياس، فتراه (عليه السلام) يسأل أبا حنيفة: ما على محرم كسر رباعية ظبي؟ قال أبو حنيفة: ما أعلم فيه. فقال (عليه السلام): أنت تتداهى و لا تعلم أن الظبي لا يكون له رباعية و هو ثني أبدا [2].
رواياته عن الإمام الصادق و ميله لأهل البيت
و كان أبو حنيفة ممن يختلف إلى الإمام الصادق (عليه السلام) و يسأله عن كثير من المسائل مع أدب و احترام و لا يخاطبه إلا بقوله: جعلت فداك يا ابن رسول اللّه.
و قد روى أبو حنيفة عن الإمام الصادق (عليه السلام) و حدث عنه و اتصل به في