اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 333
مناظرته للإمام الصادق:
إن عصر أبي حنيفة كان عصر مناظرات و جدل إلى أقصى حد، فمناظرات بين أهل الأهواء و بين الفرق المختلفة، و بين الفقهاء بعضهم بعضا. و كان أبو حنيفة قوي المناظرة شديد الجدل، يتسلح بكل الوسائل التي تعينه على الوصول إلى الفوز بالنتيجة في غالب الأحيان، كما وصفه الإمام مالك بقوله: رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته. و في رواية أنه قال: تاللّه لو قال: إن هذه الأسطوانة من ذهب لأقام الدليل القياسي على صحة قوله، و بالطبع ان مثله ينال في تلك المعارك نصيبه من الشهرة، على أن المنصور نظر إليه بعين التقدير و العناية تكريما له و لأبناء قومه الذين طلع نجمهم في ذلك العصر.
و مما يدلنا على قوة مناظرته أن المنصور انتدبه إلى مهمة عجزت قوته عن دفعها، و خانته حيلته في التخلص منها، و هي مسألة انتشار ذكر جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، و من الصعب على المنصور أن تصبح في الكوفة و مكة و المدينة و قم حلقات علمية هي أشبه شيء بفروع لمدرسة الإمام جعفر بن محمد الصادق، و كانت تقرع سمعه أصوات شيوخ الكوفة، بكلمة يضطرب لها لبه، و يفقد عندها اتزانه، و هي قولهم في مناظرتهم: حدثني جعفر بن محمد الصادق، لذلك اضطر إلى جلب الإمام من المدينة إلى الكوفة ليفتك به، و أراد من أبي حنيفة الذي عرف بقوة المناظرة و سرعة الجواب أن يهيئ من مهمات المسائل، فيسأل الإمام بها في مجلس عام، عساه أن يظفر بشيء ينال به غرض الحط من كرامة الإمام الصادق، و لم يغب عن المنصور ما للإمام الصادق من المكانة العلمية.
قال الحسن بن زياد اللؤلؤي سمعت أبا حنيفة- و قد سئل من أفقه من رأيت-؟
قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد الصادق، لما أقدمه المنصور بعث إليّ فقال:
يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد، فهيّئ له من المسائل الشداد فهيأت له أربعين مسألة.
ثم بعث إليّ أبو جعفر و هو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه، و جعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 333