اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 308
الأعلى تناط به أمورهم، و من سوء حظ الأمة أن تكون سلطتها القضائية بيد قضاة لا يخافون اللّه و لا يرجون معادا، هذا هو أبو البختري و هذه حاله فكيف يوثق بنقله و يعتمد على قوله.
يقول سويد بن عمرو بن الزبير في أبيات له:
إنا وجدنا ابن وهب حين حدثنا* * * عن النبي أضاع الدين و الورعا
يروي أحاديث من إفك مجمعة* * * أف لوهب و ما يروي و ما جمعا
لقد غالى بعض كتّاب المناقب غلوا أخرجهم من الاعتدال في القول و التثبت في النقل، فتقولوا و افتعلوا، و ذهبوا إلى أبعد حد من المدح و الثناء، و جاءوا بأمور متنوعة في مناقبه و فضائله حتى وضع بعضهم كتابا موضوعا في مناقبه. و للبيان نعطي صورة مختصرة عن تلك الادعاءات الكاذبة و للتفصيل محل آخر.
فمن أظرف ما ينقل من كرامات أبي حنيفة قضية الدهري الذي ورد بغداد ليناظر علماء الإسلام أيام الدولة العباسية، و أنهم عجزوا عن جوابه و لم يبق إلا حماد بن أبي سليمان، و معه تلميذه أبو حنيفة، و لهذه الأسطورة صور في النقل:
منها: أن دهريا من الروم ناظر علماء الإسلام فأفحمهم إلا حمادا. و لم يأت أحد بما فيه مقنع، و الإمام إذ ذاك كان صبيا فخاف حماد لأنه لو ألزمه يهون أمر الإسلام. فرأى رؤيا لا حاجة لنا بنقلها [2].
فذهب أبو حنيفة مع أستاذه إلى الجامع. و صعد الدهري المنبر. و طلب الخصم، فحضر أبو حنيفة و هو صبي، فاستحقره، فقال أبو حنيفة: دع هذا و هات كلامك، فتعجب الدهري من جرأته فسأله الدهري بأسئلة فأجاب عنها فقال أبو حنيفة: هذه الأسئلة و أنت على المنبر و أنا أجبت عنها و الآن انزل إلى الأرض و أنا أصعد المنبر، فنزل و صعد أبو حنيفة و قال: إذا كان على المنبر مشبه مثلك أنزله، و إذا كان على الأرض موحد مثلي رفعه، «كل يوم هو في شأن» فبهت الدهري و قتلوه.
[1] ترجمة قاضي القضاة أبو البختري في لسان الميزان ج 6 ص 332، و ميزان الاعتدال ج 3 ص 278 و تاريخ بغداد ج 13 ص 454 و غيرها.