اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 282
الوضع ... و الحديث النبوي
حركة الوضع:
اتسع نطاق الكذب على اللّه و على رسوله، و تلاطمت أمواج الافتراء و تصدر قوم لا أمانة لهم، و لا دين يردعهم، و لا عهد لم بالصدق، فحدثوا الناس بالأكاذيب، و نمقوا و زوروا، و وضعوا من الأحاديث كيفما شاءت رغباتهم، إرضاء لسلطان لا يرعى للصدق حرمة، و لا يرى للدين قيمة، فدرج الناس على ذلك و تلقنوا تلك الأحاديث بلا تمحيص و لا تتبع.
و لا أريد أن أتعرض لعهد الصحابة و ما حدث فيه من أحاديث، فإن يد الوضاعين انتحلت سلسلة تتصل بهم في الحديث، لأن أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أجل قدرا و أعلى منزلة من تعمد الكذب عليه، إلا من صارعته الدنيا فصرعته و باع آخرته بدنياه فكان نصيبه الخسران، و ما هو من مصداق الصحبة في شيء كسمرة بن جندب و غيره، الذي كان يساومه معاوية في وضع الأحاديث أو تحريف ما أنزل اللّه بمئات من الآلاف من الدنانير كما هو مشهور عنه.
و لكن نريد أن نتعرض لعصر اشتداد الفوضى و الخروج على حدود الأمانة في النقل، يوم دار الزمان دورته، و دب داء الحسد و التنافس على حب الرئاسة و التقرب إلى السلطان، عند ما اشتدت حاجته إلى مرتزقة يجعلهم قنطرة إلى غايته، ليبرر مواقفه المخالفة لأحكام الدين، فكان ما كان من تشجيع للكذابين و الوضاعين، فكانت هناك سلسلة أحاديث موضوعة رغبة في نواله، و طلبا لاستصفاء وده، و قد فتحت باب التقرب إلى السلطان بمفاتيح الأكاذيب، فدخل الكثير منهم.
فهذا غياث بن إبراهيم يدخل على المهدي، و كان المهدي يحب الحمام، فطلب منه المهدي أن يحدثه، فيأتي بحديث عن أبي هريرة لا سبق إلا في حافر أو نصل، و أضاف إليه أو جناح، فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم، فلما قام غياث قال المهدي: أشهد أنه قفا كذاب على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) ما قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) جناح و لكنه أراد أن يتقرب إليّ [1].