اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 240
دعوة التشيع إلى رجال الدولة أنفسهم، فكان منهم الوزراء و الأمراء و قواد الجيش و الكتّاب، و رؤساء الدواوين، الأمر الذي دعا المأمون إلى التظاهر بالتشيع، و الميل إلى العلويين، لأنه خشي على زوال ملكه فدعا الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى البيعة، و التنازل عن العرش، و لكن الإمام رد هذه الدعوة علما منه بأنها مفتعلة، و لكنه تفادى إيقاع نفسه في التهلكة بقبول ولاية العهد قبولا شكليا لا أكثر و لا أقل.
و قبل ولاية العهد بعد أخذ ورد و أكثر المأمون عقد المجالس للمناظرة في الإمامة، و قد نجح بما دبره في سياسته و دهائه، إذ استمال قلوب الشيعة و أمن ثورة العلويين المتوقعة، و فاخر علماء الأديان الأخرى بالرضا و علوم الرضا (عليه السلام).
و في أيام المعتصم التجأ الشيعة إلى التكتم نوعا ما، و لكنا نراهم يخرجون على الدولة بعدة كاملة، و قوة لم تستطع الدولة معارضتها، و ذلك عند ما استخرجوا جنازة الإمام الجواد (عليه السلام) في سنة 220 ه- عند ما حاول دفنه سرا، و لم يسمح لأحد في تشييعه، و لكن الشيعة خرجوا بذلك الموكب المهيب الذي يربو عدده على اثني عشر ألف و السيوف على عواتقهم، فشيعوا جنازة الإمام رغم معارضة السلطة.
قوة المعارضة أيام المتوكل:
و اشتد الأمر و عظمت المحنة في أيام المتوكل العباسي، فكان بغض الإمام علي (عليه السلام) و شيعته يأكل قلبه كما تأكل النار يابس الحطب، و كان لا يذوق طعم الراحة و لعلي (عليه السلام) ذكر في الوجود، و لشيعته مجتمع زاهر بالعلم محتفظ بكرامته، مستقل بمواهبه، منفصل عن الدولة. و قد تتبع العلويين و حط من كرامة أهل البيت.
و لم يسمح لأي أحد أن يذكرهم بخير.
و يدلنا على شدة بغضه و تحامله أن نصر بن علي الجهضمي حدث بحديث عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أنه أخذ بيد الحسن و الحسين و قال: (من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)، فأمر المتوكل بضربه ألف سوط إلى أن كلمه جعفر بن عبد الواحد بأن نصرا لم يكن شيعيا و إنما هو من أهل السنة، فضرب خمسمائة سوط و عفى عن الباقي [1].