اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 215
الذي نود أن نشير إليه هو: أن الأمر بلغ أشده حتى أدى إلى ثورات دموية مؤسفة، و فتن ذهب تحت هياجها خلق كثير، و لعل من أعظم ذلك يوم كان الشيعة يقومون بإقامة شعائرهم الدينية كيوم عاشوراء، و يوم الغدير، فإن ذلك يدعو إلى الإنكار من إخوانهم السنيين، بدعوى أن النياحة و إقامة الزينة يوم الغدير بدعة.
و كان يصحب هذا الإنكار اعتداء أدى إلى إراقة الدماء بين الفريقين و قتل خلق كثير [1].
و مع هذا فإن السنة قاموا بما قامت به الشيعة من النياحة على مصعب بن الزبير مقابلة للحسين، و أقاموا الزينة يوم الغار مقابل يوم الغدير و قد مرت الإشارة لذلك [2].
كما انهم أقاموا النياحة على كثير من الناس، و قد رأوا أن ذلك من الأمور المستحسنة، حتى قال محمد بن يحيى النيسابوري- حين بلغه موت أحمد بن حنبل-:
ينبغي لأهل كل دار في بغداد أن يقيموا على أحمد بن حنبل النياحة في دورهم [3].
و أقيمت النياحة على أحمد بن حنبل و عظم الحزن عليه، و لازموا قبره مدة من الزمن، إظهارا للتفجع، و أقيمت مجالس العزاء عليه، كما أقيمت النياحة على غيره من الرجال و للمثال نذكر بعضا من ذلك:
يموت أبو الفتح إسماعيل بن السلطان محمود سنة 567 ه- فتقام عليه المآتم و يناح عليه نوح الثكلى، و يكثر البكاء في الطريق، و تفرش بالرماد إظهارا للحزن، و تعظيما للمصاب [4].
و يموت ابن تيمية سنة 728 ه- فتحضر جنازته خمسون ألف امرأة ينحن عليه، و مائتا ألف رجل يرفعون أصواتهم بالتكبير مزيجا بالبكاء و العويل، و لما غسل جمع ماء غسله فشربوه تبركا به، و اقتسم جماعة بقية السدر الذي غسل به تبركا، و دفع بالطاقية التي على رأسه خمس مائة درهم، و الخيط الذي في رقبته فيه الزئبق لدفع القمل دفع فيه مائة و خمسون دينارا، و سارت جنازته بين الضجيج و البكاء، و المنادي