responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 174

فتقدم رجل فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء فقال لها الأمير قولي لمولاك إني بالباب قال: فدخلت فأبطأت ثم خرجت فقالت: إن مولاي يقرؤك السلام و يقول إن كانت لك مسألة فارفعها في رقعة يخرج إليك الجواب، و إن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس؛ فانصرفت؛ فقال: قولي له معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة، قال: فدخلت و خرجت و في يدها كرسي فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج و عليه المهابة فرفع إليه الوالي الكتاب‌ [1].

و نحن إذ نقيس منزلة مالك بين العهدين نجد الفرق بينا فنراه في عهد أحد الولاة مغضوبا عليه يسحب و يجرد من ثيابه و يضرب خمسين سوطا و يهان، و نراه في العهد الثاني يتهيب الوالي أن يكلمه. فمالك في حاليه يعطينا درسا في معرفة أغراض السياسة مع رجال الأمة، و ان لها ألوانا من المعاملة مع الأشخاص الذين تريد أن تستخدمهم بالمغريات.

و الغرض أن نجم مالك بزغ بذلك الأفق فأصبحت له شخصية مرموقة دون غيره من شيوخه الذين هم أعلم و أفقه كربيعة الرأي‌ [2] و غيره، فامتاز بتلك المنزلة و اكتست شخصيته بأبراد العظمة، و حاول العباسيون أن يجعلوا منه مرجعا عاما للأمة في الفتوى، و لكنها محاولة لم تنجح، و قد أمره المنصور بوضع كتاب يحمل الناس عليه بالقهر، فكلمه مالك في ذلك و امتنع فقال المنصور: ضعه فما أحد اليوم أعلم منك‌ [3] فوضع الموطأ.


[1] معجم الأدباء ج 17 ص 275.

[2] ربيعة بن أبي عبد الرحمن بن فروخ التميمي أبو عثمان المدني الفقيه المعروف بربيعة الرأي روى عن أنس و السائب بن يزيد و ابن المسيب و عنه سليمان التميمي و يحيى بن سعيد القطان و سعيد و الليث و خلق كثير. و كان أبوه فروخ خرج في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية و ربيعة حمل في بطن أمه فقدم المدينة بعد سبع و عشرين سنة و هو راكب فرسا و دفع الباب برمحه فخرج ربيعة و قال يا عدو اللّه أ تهجم على منزلي، فقال فروخ: يا عدو اللّه أنت دخلت على حرمي فتواثبا حتى اجتمع الجيران و كثر الضجيج فبلغ مالك بن أنس فقال مالك: أيها الشيخ لك سعة في غير هذه الدار فقال الشيخ هي داري و أما فروخ فسمعت امرأته كلامه فخرجت و قالت هذا زوجي و هذا ابني الذي خلفه و أنا حامل به فاعتنقا جميعا. قال سوار بن عبد اللّه: ما رأيت أحدا أعلم من ربيعة الرأي قيل و لا الرأي و كانت وفاته في سنة 136 ه- بالهاشمية و دفن هناك و قيل سنة 133 ه-.

[3] شرح الموطأ للزرقاني ج 1 ص 8.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست