اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 169
الخطى على هؤلاء، فالاستقصاء يقصينا عن الغاية التي نطلب من ورائها كشف الحقيقة.
و ليس لنا غرض في التعرف عليهم، و لكن الغرض أن نعرف الأسباب التي دعت إلى محو هذه المذاهب من صفحة الوجود و إثبات المذاهب الأربعة، مع العلم أن رؤساء المذاهب البائدة لهم منزلة علمية، و نستطيع القول بأن أكثرهم كانوا أعلم من رؤساء المذاهب الأربعة: فسفيان الثوري لقبوه بأمير المؤمنين في الحديث و سيد الحفاظ و غير ذلك، كما قاله شعبة و أبو عاصم و ابن معين و غيرهم، و قال ابن المبارك: كتبت عن ألف شيخ كان سفيان أفضلهم. و قال القطان: الثوري أحب إليّ من مالك؛ إلى غير ذلك من أقوال علماء الرجال مما لم نعثر على مثلها لأبي حنيفة و غيره، نعم من طرق أتباعهم تتعدى حد الحصر، و اعطف عليه سفيان بن عيينة و ابن جريح و الليث و غيرهم فإنهم بمكانة من العلم، و قد رجع الناس إليهم في الفتيا مدة من الزمن، و استمر العمل بمذاهبهم ثم انقرضت و لم يبق لأهل السنة إلا المذاهب الأربعة الحنفي و المالكي و الشافعي، و الحنبلي.
أما أتباع آل البيت فقد بقيت آراؤهم و معتقداتهم في الأصول و الفروع و غيرهما أقوى من أن تلين للسياسة و تدخلات الولاة و الأمراء ... و إذا شوهدوا في بعض الأحيان يميلون إلى التقية و إلى تحاشي ضغائن الملوك فإن ذلك كان من عزم الأمور و درء المهالك عن أنفسهم حين يرون أن دماءهم أحفظ للدين من إراقتها دون طائل.
فالحكام في العهدين الأموي و العباسي لا يتورعون عن سفك الدماء الطاهرة و لا يتوقفون في ظلمهم لآل البيت عند حد، و لهذا كان الإمام الصادق يرى في تعرض أهله من آل الحسن إلى تلك المحنة و العذاب أمرا يجرّئ الظالمين أكثر على انتهاك حرمات أهل البيت و يصبح انتهاك حرمات الناس أبسط بكثير فقال (عليه السلام) و هو يرى موكب آل الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): «و اللّه لا تحفظ للّه حرمة بعد هذا».
و لا يندرج المذهب الجعفري في سياق نشأة المذاهب لأمور عدة منها:
1- استقلال فقه أهل البيت عن السلطة الجائرة و تعلقه بالإمامة و السلطة الروحية.
2- في العهد الأموي حيث لم تأخذ المذاهب صفتها الرسمية و لم ترس على
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 169