اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 161
و كان يسمي الكوفة دار الضرب يعني أنها تضع الأحاديث و تضعها كما تخرج دار الضرب الدراهم و الدنانير. و قال عطاء لأبي حنيفة: من أين أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أنت من أهل القرية الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا [1].
و مهما يكن من الأمر فقد تعصب كل فريق إلى بلده و تنابزوا، و عيّر أهل المدينة بسماع الغناء، و أهل مكة بالمتعة، و أهل الكوفة بالنبيذ، و اشتدت عصبية كل قوم لبلادهم، و حملتهم على وضع الأخبار في مدح كل منهم قومه و بلده و ذم مقابله، و عظم الانشقاق بين الطائفتين، و بالطبع ان الكوفة تضعف عن مقابلة الحجاز، و لكن السياسة الزمنية اقتضت أن تكون إلى جانب أهل الرأي لا حبا لهم و لكن بغضا لأهل المدينة، و أصبح لكل جانب أنصار و متعصبون فكان مالك بن أنس في طليعة أهل الحديث و أنصاره من الحجاز سفيان الثوري و أصحابه، و زعيم أهل الرأي أبو حنيفة و أصحابه و كثير من فقهاء العراق.
فالشافعي أخذ عن مالك و أصحابه، و أحمد المتوفى سنة 241 ه- 820 م أخذ عن الشافعي المتوفى سنة 204 ه- 820 م و أصحابه.
و إنما سموا أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث و نقل الأخبار و بناء الأحكام على النصوص و لا يرجعون إلى القياس.
يقول الشافعي: إذا ما وجدتم لي مذهبا و وجدتم خبرا على خلاف مذهبي فاعلموا أن مذهبي ذلك الخبر، و تبعه أصحابه، و هم: إسماعيل بن يحيى المزني، و الربيع بن سليمان الجيزي، و حرملة بن يحيى، و أبو يعقوب البويطي، و ابن الصباح، و ابن عبد الحكم المصري، و أبو ثور، و غيرهم.
و أما أصحاب الرأي، فهم: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، و أصحابه: محمد بن الحسن الشيباني، و أبو يوسف القاضي، و زفر بن الهذيل، و الحسن بن زياد اللؤلؤي، و أبو مطيع البلخي، و بشر المريسي، فهؤلاء عرفوا بأهل الرأي و قالوا إن الشريعة معقولة المعنى و لها أصول يرجع إليها، و لاقتناعهم بمعقولية الشريعة و ابتنائها على أصول محكمة فهمت من الكتاب و السنة كانوا لا يحجمون عن الفتوى برأيهم كما كان يفعل الفريق الأول فإنهم يقفون و لا يتعدون حدود النص، و كانوا يحبون معرفة العلل