اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 117
و الحجاج ذلك الطاغية الذي أذاق الأمة أنواع العذاب، يغمد سيفه في رقاب الأبرياء، و قد اتخذ ذلك السجن المكشوف الذي يضم بين جدرانه عددا لا يقل عن مائة و عشرين ألفا بين رجل و امرأة، يلاقون فيه حرارة الشمس و ألم الجوع، و يكابدون غصص وضع الرماد على الرءوس، و هم يموجون من الشدة، و يغلون كالمرجل، تحرقهم حرارة الشمس و تقلبهم السياط و بعج الرماح و صرخات السجانين، و لقد اتخذ الحجاج في معاملة الناس عند ولايته أقسى ما يتصور من القسوة و الشدة، فهو يضرب بسيفه أنّى شاء و كيف شاء، و له أساليب في إنزال العذاب و العقوبة بمن يظفر بهم، فأصبح إمام سنّة الظلمة و أستاذ القتلة من الحكام.
فهذا سجين يشد عليه القصب الفارسي المشقوق و يجر عليه ثم ينضح عليه الخل، و ذاك أسير آخر أصيب ساقه بنشابة ثبت نصلها في ساقه. و علم الحجاج أن أشد عذاب يعامل به أسيره أن يحرك النصل ليسمع استغاثة السجين و صياحه فتأخذه نشوة الطرب تجبرا و طغيانا. قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها و جئنا بالحجاج لغلبناهم [1].
و قال عاصم: ما بقيت للّه عز و جل حرمة إلا قد ارتكبها الحجاج [2].
و كان الحجاج قد تطلع إلى إمرة العراق و هو يرى عبد الملك قلقا على ملكه مما يحدث فيه و يخاطب أصحابه: ويلكم! من للعراق؟ و تم للحجاج ما رغب فيه و اتجه رضيع الدماء المبير إلى العراق حيث الثوار فكان غاشما عاتيا في فعله و قوله.
و من جملة أقواله:
يا أهل العراق هل استنبحكم نابح، أو استشلاكم غاو، أو استخفكم ناكث، أو استنصركم عاص إلا تابعتموه و بايعتموه و آويتموه و كفيتموه؟ يا أهل العراق هل شغب شاغب أو نعب ناعب أو ربى كاذب إلا كنتم أنصاره و أشياعه [3].
و يخاطب أهل الشام:
يا أهل الشام أنتم العدة و العدد، و الجنّة في الحرب، إن نحارب حاربتم أو