responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 113

إلى الاتحاد ضد أولئك الظلمة امتثالا لقوله تعالى: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [1] فهو يبث نصيحته بين طبقات ذلك المجتمع بصفته إمام زمانه و يواصل جهاده في سبيل الدعوة الإصلاحية، ليفك أسر الأمة من يد من أفسدوا ذلك المجتمع الصالح، و قد عاش (عليه السلام) مدة من الزمن و عاشر كثيرا من ملوك عصره فما ركن لهم، و ما استطاعوا أن يستميلوه و قد حاول المنصور أن يستميله (عليه السلام) ليوهم الناس أن ولايته على حق، فأرسل إليه: لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟.

و كان المنصور يظن أن ينال من الإمام جوابا يحقق هذا الطلب إذ المنصور سلطان العصر و مهاب الجانب.

فكان جواب الإمام (عليه السلام): «ما عندنا من الدنيا ما نخافك عليه و لا عندك من الآخرة ما نرجوك له، و لا أنت في نعمة فنهنيك عليها، و لا تعدها نقمة فنعزيك عليها، فلم نغشاك؟» و عظم هذا الجواب على المنصور و لكنه يعرف منزلة الصادق (عليه السلام) و صدقه في ذلك، و حاول أن يسلك طريقا لضم الإمام إلى جانبه كما ضم غيره، إذ يصعب عليه انعزاله و ترفعه عن مخالطته، فأرسل إليه: إنك تصحبنا لتنصحنا. و لم يخف مراده على الإمام فأجابه: «من أراد الدنيا فلا ينصحك و من أراد الآخرة فلا يصحبك».

و قد استخدم المنصور وجهي سياسته من الفضاضة الدنيئة و الليونة المصطنعة ليجعل الإمام كالآخرين الذين يتحاشونه ثم ينفذون ما يريده منهم، و الحقيقة أن موقف الإمام الصادق من المنصور كان يمثل مشكلة سياسية و دينية احتلت أهمية كبيرة في سياسة المنصور، و ما دام الإمام يقطن في المدينة فقد كانت الشكوك تأكل قلب الدوانيقي فيهب إلى الموسم أو العمرة و غرضه أن يرى بنفسه ما يفعل الإمام جعفر الصادق و قد احتل تلك المكانة السامية في نفوس العلماء و العامة، و يقوم المنصور بإحضاره إذا ما جاء المدينة أو و هو في حاضرة ملكه فنرى في أحاديثه و أقواله مع الإمام محاولاته المختلفة حتى أعياه، فهو يقصد رجلا يفيض علما و إيمانا و من صفوة استتر المنصور و أهله بشعارهم حتى تمكنوا من الحكم، و منزلة آل البيت تزداد قوة،


[1] سورة هود، آية: 113.

اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست