اسم الکتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة المؤلف : الشيخ أسد حيدر الجزء : 1 صفحة : 110
و تطبيق، و لا يقوم بهذه المهمة إلا الإنسان الكامل الذي لا تهمه مصلحة نفسه، بل إن أهم شيء عنده المصلحة العامة، و هو الذي يغذي الأمة بعلمه لتنال السعادة على ضوء تعاليمه، و تحيى، الحياة المطلوبة في صعيد إرشاداته.
و ما الإسلام إلا مجموعة نظم و قوانين سماوية هبطت إلى الأرض بواسطة النبي الأعظم، فهو الذي يتولى تطبيقها في حياته، و من يختاره لذلك بعد وفاته يأمر من المشرع الأعلى وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ[1].
قال الإمام كاشف الغطاء (رحمه اللّه): فالإمامة منصب إلهي كالنبوة، فكما أن اللّه سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة و الرسالة فكذلك يختار للإمامة من يشاء، و يأمر نبيه بالنص عليه و أن ينصبه إماما للناس من بعده للقيام بالوظائف التي كان على النبي أن يقوم بها، سوى أن الإمام لا يوحى إليه كالنبي، و إنما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي، فالنبي مبلغ عن اللّه و الإمام مبلغ عن النبي، و الإمامة متسلسلة في اثنى عشر، كل سابق ينص على اللاحق و هو معصوم- كالنبي- عن الخطأ و الخطيئة، و إلا لزالت الثقة إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[2] لأن الغرض هو تكميل البشر و تزكية النفوس بالعلم و العمل الصالح: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ[3] و الناقص لا يكون مكملا لغيره و الفاقد لا يكون معطيا. انتهى [4].
و لأن شريعة الإسلام قائمة إلى قيام الساعة فلا بد من استمرار الدعوة و بقاء مقتضيات الإرشاد و وسائل التوجيه، و من اللازم أن يكون الدوام و البقاء في الدين على يد مؤهل يحمل صفات صاحب الرسالة الأصلي و يتحلى بخصائص مميزة تمكنه من الاضطلاع بمهمات النيابة عن صاحب الرسالة و تمثيل أحكام الشريعة و أداء أعباء قيادة الناس و تصدّرهم بحيث لو انقاد الناس في أمر ديني و شرعي إلى غيره لبان جليا الفرق في مباشرة الأمر من قبل مؤهل بطريق الاختيار و الحكمة الإلهية عنه من قبل مرشح آخر تتداخل في إظهار أمره عوامل كثيرة لا حاجة للدخول فيها. أما لو اتفق الناس في