responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 27

و قد يقال: إنّ قضيّة جملة من الآيات قدم المعاني الشرعيّة [1] و معرفة أهل اللغة لها.

فدعوى كون الألفاظ حقائق لغويّة فيها تكون قريبة جدّا. فمن الآيات قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ‌ [2] و منها قوله تعالى: وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا [3] و منها قوله تعالى: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ‌ [4].

و يردّه أوّلا: أنّ ذلك مبنيّ على كون الألفاظ في هذه الآيات مستعملة في المعاني الشرعيّة، و هو غير ثابت، و ظهور الآية الأولى في اتّحاد المكتوب في حقّ الأمّتين لا يجدي؛ إذ لعلّ اتحاد المكتوبين يكون اتّحادا جنسيّا و في مجرّد الإمساك- و إن كان هذا عن الأكل و ذاك عن الكلام- كما يقال: «في الحمّام اليوم إنسان، كما كان في الأمس إنسان».

و ثانيا: أنّ غاية ما تقتضيه الآيات ثبوت المعاني في بعض الشرائع السابقة، فلعلّ الشريعة التي كانت فيها هذه المعاني كانت متأخّرة عن عصر واضع اللغة، فلم يكن واضع اللغة يعرف هذه المعاني ليضع لها لفظا.

و ثالثا: سلّمنا قدم المعاني، لكن ذلك لا يلازم معرفة واضع لغة العرب لها.

و رابعا: سلّمنا معرفته لها، لكن ذلك لا يستلزم وضع هذه الألفاظ لها.

نعم، لا يبقى الوثوق حينئذ بثبوت الحقيقة الشرعيّة، لكن يمكن تحرير هذا البحث حينئذ بنحو آخر؛ فيقال: هل هذه الألفاظ المبحوث عنها انحصرت في شريعتنا في هذه المعاني و هجرت معانيها اللغويّة، أم لا؟ و أثر الانحصار حينئذ أثر ثبوت الحقيقة الشرعيّة على التقدير الأوّل.

نعم، أثر عدم الانحصار يكون هو الإجمال، دون الحمل على المعاني اللغويّة الأوّليّة.


[1]. كالصلاة و الصوم و الزكاة من المعاني الشرعيّة.

[2]. البقرة (2): 183.

[3]. مريم (19): 31.

[4]. الحجّ (22): 27.

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست