اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 24
و يدفعه: منع الاطّراد المذكور؛ فإنّ لفظ الرقبة يطلق على الإنسان في تركيب و لا يطلق عليه في تركيب آخر، مثلا يقال: «أعتق رقبة» و لا يقال: «أكرم رقبة»، و أيضا يقال: «جاء الأسد» و لا يقال: «نام الأسد» و «صلّى الأسد» و «صام الأسد» مع وجود العلاقة.
و السرّ في ذلك هو أنّ اللفظ لمّا لم يكن موضوعا بإزاء ذات المعنى- و لأجل ذلك اعتبرت العلاقة في الاستعمال، و اعتبرت مع وجود العلاقة المناسبة للمقام، و لم تكن العلاقة بمجرّدها مصحّحة للاستعمال- فلمّا كان العتق مناسبا للرقبة تشبيها للقيد المعنوي بالحبل الحسّي الموضوع على الرقبة ناسب إطلاق الرقبة في «أعتق رقبة» بخلاف «أكرم رقبة» و «صاحب رقبة» و هكذا.
و أمّا الجاهل الثاني- و هو الذي ليس المعنى حاصلا في حسّه المشترك مع ارتكازه في ذهنه- فطريق استحضاره له في حسّه المشترك هو أن يتبادر المعنى من اللفظ عنده، و أيضا يصحّ حمل اللفظ عليه عنده، بمعنى أن يذعن بصحّة الحمل بلا رعاية علاقة. و كفى في تحقّق هذين ذلك العلم الارتكازي، فهذان معلولان للعلم الارتكازي و علّتان للعلم التفصيلي، أعني حصول الالتفات و حضور المعنى في الحسّ المشترك. فلا شائبة دور.
نعم، هذان دليلان على العلم الارتكازي، و أمّا أنّ ذلك الارتكاز من أين أتى و أيّ شيء صار منشأ له، هل منشؤه الاستعمالات الحقيقيّة أو المجازيّة أو إخبار أهل اللغة؟ فلا؛ و من أجل ذلك كانت دلالتهما على الحقيقة ممنوعة.
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 24