اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 159
و كما في آية الوضوء [1]- بناء على مذهب أهل الحقّ- و هو مراد من قال: إنّ الآية لتحديد المغسول دون الغسل، يريد أنّها لضبط ما بين الحدّين بلا دلالة على الشروع و الختام [سواء] كانت لتحديد المغسول أو كانت لتحديد الغسل.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّهم اختلفوا في اقتضاء التحديد بالغاية للمفهوم و نفي سنخ الحكم عمّا بعد الغاية. و لا أعلم لقصر خلافهم هذا بالغاية وجها، بل كان اللازم أن يبحثوا بالنسبة إلى الابتداء أيضا؛ فإنّ حكمه حكم الغاية، فيقال: إنّ التحديد بالمبدإ و المنتهى هل يقتضي نفي الحكم عن الجانبين و قصره بالوسط أو لا تعرض إلّا للوسط، و الجانبان مسكوت عن حكمهما نفيا و إثباتا يرجع فيهما إلى الأصل إن لم يرد دليل على الحكم فيهما؟
و الحقّ هو عدم الدلالة؛ فإنّ التحديد بهما يكون دائما للموضوع دون الحكم. أمّا الفعل المتعلّق للحكم أو موضوع هذا الفعل فيدخل التحديد بهما في التقييد. و قد عرفت أنّ القيد لا مفهوم له و لم يختصّ هذا التقييد بخصيصة من بين سائر أقرانه ليختصّ بالمفهوم.
و ممّا ذكرناه من أنّ التحديد بالغاية دائما يكون لمتعلّقات الحكم لا هو نفسه لا يبقى موضوع لما قيل في المقام من التفصيل بين أن تكون الغاية غاية للحكم- فالمفهوم ثابت- و بين أن تكون غاية للموضوع فلا، مع أنّا لو سلّمنا أنّ الغاية تكون للحكم كما تكون للموضوع منعنا اختلاف دلالة مثل كلمة «إلى» باختلاف المدخول؛ فإنّ وضع اللفظ واحد و المغيّا لا قرينيّة فيه على شيء.
ثمّ إنّا إن قلنا بالمفهوم أو لم نقل فهناك بحث آخر، و هو أنّه هل مدخول «إلى» داخل في حكم المغيّا و مشارك مع المنطوق في الحكم أو داخل في الغاية يجري عليه ما يجري على الغاية؟
و كان اللازم تعميم هذا البحث أيضا إلى جانب الابتداء فيبحث عن أنّ الحدّين المدخولين للأداتين في جانبي المبدأ و المنتهى هل هما في حكم الوسط أو هما في حكم الطرفين؟