اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي الجزء : 1 صفحة : 152
ما فرض ثبوته و تنجّزه؛ إذ ما وراء عبادان قرية، و ما وراء التنجّز تعليق. فالتعليق لا يتطرّق إلّا في ذي وجهين و المتحمّل لتقديرين.
و على ذلك فالتعليق في الجمل الخبريّة ليس للإخبار و لا في الجمل الإنشائيّة للإنشاء، و إنّما الإخبار و الإنشاء يتحقّقان بنفس جملتيهما و ما بعد التحقّق تعليق؛ لما عرفت أنّ التعليق يتضمّن تحقّقا، و لا تحقّق كلّ على تقدير.
فكان المتعيّن رجوع التعليق في الجمل الخبريّة إلى المخبر به، فكأنّ المخبر به عند قولنا: «إذا طلعت الشمس أضاء العالم»، أمران: ضوء العالم عند طلوع الشمس، و عدم ضوئه عند عدم طلوعها، و في الجمل الإنشائيّة رجوعه إلى المادّة الواقعة في حيّز الطلب- أعني الحجّ في مثل: «حجّ إن استطعت»- دون الهيئة المنشأة بها الطلب و دون الطلب الحقيقي القائم بالنفس الكاشف عنه الإنشاء؛ لتحقّق إنشاء الطلب بهذه العبارة، و قد عرفت أنّ التعليق لا يكون في أمر محقّق. و الطلب الحقيقي أسبق تحقّقا منه لأنّه الباعث على الإنشاء، فيكون أبعد ساحة من تطرّق التعليق.
و على هذا كان الشرط قيدا للموضوع، و كان معنى «حجّ إن استطعت» أنّه أريد منك الحجّ الخاصّ الحاصل في ظرف الاستطاعة. و مع ذلك فالقول بالمفهوم في الشرط دون سائر أقسام القيد لعلّه لاستفادة تقييد خاصّ من هذا التقييد، و تقييد معناه الحصر.
و من هذا ظهر لك أن ليس المانع من رجوع التعليق إلى الإنشاء هو ما توهّم من جزئيّة مداليل الحروف و الهيئات، و الجزئي لا يقبل التقييد الذي منه التعليق، فإنّا نمنع من عدم قبول الجزئي للتقييد، فإنّ الجزئي يقيّد بحسب الأحوال، و لا المانع كون مداليل الحروف و الهيئات غير ملحوظة إلّا بالتبع و في جوف المتعلّقات، و ما هذا شأنه لا يقيّد و لا يعلّق؛ لأنّ التقييد و التعليق ضرب من الحكم، و الحكم لا يعقل أن يوجّه إلى ما لم يلحظ إلّا تبعا؛ لأنّ هذا المانع و كذا سابقه مختصّ بما إذا كان الإنشاء بالصيغة، و المدّعى عامّ يشمل ما إذا كان الإنشاء بمثل: «واجب» و «يجب».