ضرورة أنّ بشرط شيء عبارة عن الماهيّة المقيّدة بخصوصيّة معيّنة، فلا يعقل انطباقه على الخصوصيّات المتعدّدة المتباينة، و هكذا بشرط لا لكونه الماهيّة المقيّدة بعدم كونها معروضة للخصوصيّة أصلا.
و التحقيق في هذين الاحتمالين هو الثاني، إذ المفروض أنّ المفهوم لكلّ نوع الّذي هو عبارة عن المجرّد العقلاني، هو حيثيّة بشرط لا، و معنى ذلك هو أن يكون المفهوم هو هو بلا طروّ لون وجودي عليه، و هذا هو الكلّي عند المنطقي و هو الماهيّة المعرّاة عن الخصوصيّات الوجوديّة مطلقا، فحينئذ كيف يمكن أن يصير ذلك فردا و مصداقا للطبيعي، مع أنّه مساوق للتشخّص حتّى بناء على القول بمثل الأفلاطونيّة، و أنّها عبارة عن الفرد العقلاني لكلّ نوع و صحّته؛ إذ ليس هذا المفهوم المجرّد ذاك الفرد العقلاني.
و بالجملة؛ مفهوم كلّ نوع الّذي هو عبارة عن الماهيّة بشرط عدم الوجود و إن لم تنفكّ عنه واقعا، و لكنّها غير ملحوظة إلّا مجرّدة ليست فردا للطبيعي، و لذلك لا يمكن حملها عليه، بل إنّ ما يصحّح حملها عليه هو أنّه نوع و نحوه ممّا يكون من المعقولات الثانية، و ما يصحّح حمله عليها هو معروض هذا المفهوم و هو الإنسان الموجود مثلا.
فعلى هذا؛ الكلّي الطبيعي الّذي هو الصورة النوعيّة للأشياء و الفصل الأخير لها، بحيث بها يمتاز كلّ نوع عن الآخر ليس إلّا الماهيّة اللابشرط القسمي، كما عليه الأعاظم من أهل الحكمة، و لقد أجادوا في ما أفادوا، فتأمّل في المقام جيّدا!