المصلحة تأخيره عن وقت العمل و حينئذ لا يبقى مجال لما قيل من أنّه يلزم الإغراء؛ إذ لا محذور فيه إذا كان ذلك عن المصلحة، بل في الحقيقة لا إغراء حينئذ.
و بالجملة؛ لا شكّ في أنّ المصلحة كثيرا ما تكون تقتضي إلقاء المكلّف في خلاف الواقع، فيكون منه إنشاء الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ أو بالعكس.
دوران الأمر بين النسخ و التخصيص
و أمّا الثالث: و هو عدم جواز النسخ قبل العمل، فأيضا لا نعرف وجهه، أمّا بالنسبة إلى القضايا الحقيقيّة فهو واضح البطلان، حيث إنّها أحكام ثابتة لموضوعاتها المقدّرة و لا مساس لها بالخارج أصلا، فحينئذ لا محذور في نسخ هذه الأحكام الثابتة في مواطنها و لو لم تبلغ إلى مرحلة العمل.
نعم؛ بالنسبة إلى القضايا الخارجيّة يمكن تسليم ذلك، أي قبح النسخ ما لم تصل النوبة إلى العمل، حيث إنّه لا حكم حينئذ حتّى يبيّن أمده، و يمكن أن يلحق به الموقّتات من القضايا الحقيقيّة أيضا، فتأمّل!
هذا كلّه؛ مضافا إلى أنّه لا أساس لأصالة عدم النسخ في المقام [1] رأسا؛ لأنّه أمّا بالنسبة إلى الخاصّ المتقدّم فلأنّه أوّلا: يتعيّن التخصيص؛ لاعتماد المتكلّم على ما يصلح للقرينيّة للعامّ اللاحق بعد ما سمعت من أنّه لا محذور في ذلك.
[1] أي فيما إذا اشتبه الأمر من حيث ورود الخاصّ قبل العامّ أو بعده، «منه (رحمه اللّه)».